الجمعة، ٢٨ مارس ٢٠٠٨

رسول الله أم الحكام العرب؟!!


نشر فى إخوان أون لين ، نافذة مصر ، الشعب
بقلم/ د ممدوح المنير

بالطبع السؤال في العنوان استنكاري وليس استفهاميًّا بطبيعة الحال، ولكن ما دفعني إلى كتابة هذا السؤال هو المفارقة العجيبة التي حدثت في وقتٍ واحدٍ لتكشف عن المدى الذي انحدرنا إليه।

الخبر الأول هو اجتماع وزراء الإعلام العرب في القاهرة في اجتماعٍ وُصف بالاستثنائي، أما الموضوع الجلل الذي اجتمعوا من أجله فكان تنظيم عمل الفضائيات!!، هكذا قيل، وكانت التوصية الجامعة والمانعة هي عدم التعرُّض بالنقد للحكام العرب في الفضائيات من قريبٍ أو بعيد، وبُرِّر ذلك بأن الحاكم العربي له من الحصانة والمكانة المانعة من أي نقد؛ نظرًا لجلال المنصب السامي الذي تتضاءل أمامه أحلام الرجال!!.

على الجانب الآخر وفي نفس التوقيت أعلنت سبع عشرة صحيفةً دنماركيةً أنها ستُعيد نشرَ الصور الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد- صلى الله عليه وسلم- تلك الصور التي أثارت عاصفةً من الغضب في العالم الإسلامي عند نشرها لأول مرة، وبرَّرت الصحف ذلك بأنه ردٌّ على المجموعة الإرهابية- هكذا قيل- التي ألقت الشرطة الدنماركية القبض عليها بتهمة محاولة قتل الرسام الذي رسم الصور المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم!!.

والسؤال الذي أوجهِّه إلى وزراء الإعلام العرب هنا: مَن الأحق بالحماية والصيانة: الزعماء العرب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!! مَن الأحق بأن يُعقد لأجله الوزراء العرب اجتماعًا استثنائيًّا: الزعماء أم الرسول الكريم؟!!

العجيب أن القرار الذي صدر بحق تناول الزعماء العرب في الفضائيات وتحريم نقدهم هو في الحقيقة تقنين لوضعٍ قائمٍ بالفعل مع المزيد من الاستبداد والسيطرة।

المفجع كذلك أن الوزراء لم تصدر عنهم مجرد إدانة للإساءة الجديدة للنبي الكريم يحفظوا بها ماء وجههم أمام الله وأمام شعوبهم!!.

الأزمة الدنماركية الجديدة أثبتت أن السجال الحضاري بين الشرق والغرب مستمرٌّ، وإن بدا واضحًا للجميع أن الاستفزاز أصبح في غالبه غربيًا، ليس هذا فحسب ولكنه تجاوز المحرَّم؛ كالحجاب أو النبي صلى الله عليه وسلم أو حتى الله نفسه!!.

المؤسف أيضًا أن الصحف التي قرَّرت نشر الصور المسيئة تحظى بدعم الحكومة الدنماركية بحجة الحفاظ على الحرية والديمقراطية الغربية، ما عدا- بالطبع- معاداة السامية التي هي الخط الأحمر الذي تقف أمامه كل الحريات!!.

فهل يحظى الرسول- صلى الله عليه وسلم- بهذا الدعم الحكومي من حكامنا ووزرائنا؟! أم أن للرسول ربًّا يحميه؟!!.
أمر أخير.. ليس المعاتَب على تقاعسه فقط وزراء الإعلام وحدهم؛ فنحن لا نعوِّل عليهم كثيرًا، حتى أصبحت خيبة الأمل بالنسبة لهم هي الأصل، أما الأمل فهو الاستثناء، أما الشعوب فعوَّدتنا- على العكس- أن الأمل فيها أصيل، أما اليأس منها فعارض وربما كان معدومًا؛ لذا فواجب الوقت على الجميع أن يصبح شعار المرحلة "فداك أبي وأمي يا رسول الله" علنًا ننال بها رضا الله؛ فمن أعزُّ على الله جل وعلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!.
اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.

0 Comments:

blogger templates | Make Money Online