الأحد، ٢١ مارس ٢٠١٠

الله يخرب بيوتهم






بقلم / د ممدوح المنير


افتتح اليهود يوم الإثنين 15/3 ما يُعرف لديهم بكنيس (الخراب)، وهو الكنيس الذي يعتبر اليهود إعادة بنائه- وفق تصوراتهم- مؤشرًا على قرب بناء هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى
وبحسب الأساطير اليهودية التي يؤمنون بها، فإن بناء كنيس الخراب يقربهم مما يسمونه بخلاص اليهود؛ حيث تتحدث هذه الجماعات الصهيونية عن "نبوءة" مفادها أن حاخامًا "إسرائيليًّا" عاش في العام 1750م، كتب يومها متنبئًا- كما يزعمون- بأن يوم البدء في بناء الهيكل الثالث المزعوم هو اليوم الذي يلي إعادة افتتاح كنيس الخراب.
لكن الملاحظ أن ما حدث يأتي في ظل جملة من الأحداث المتتالية والتي كانت السبب في هذا التبجح الإسرائيلي المتصاعد، منها
أولاً: الدعم الأمريكي والأوروبي غير المحدود للحكومة الصهيونية؛ حتى عندما يوجد حدث يستدعي الإدانة، لا تجد منهما إلا التعبير عن (الانزعاج، القلق، الضيق)، وغيرها من المرادفات التي هي للاستهلاك المحلي، والعالمي ليس إلا، بل إن مضمونها يغري بالمزيد من الممارسات الصهيونية على الأرض.
ثانيًا: الانبطاح العربي الواضح، والذي ظهر عقب قرار اللجنة الوزارية العربية، والذي وافقوا فيه على دخول السلطة الفلسطينية في مفاوضات غير مباشرة مع العدو الإسرائيلي؛ ما اعتبر ضوءًا أخضر للكيان الصهيوني، لزيادة حجم الإجرام المرتكب في حق القضية الفلسطينية.
ثالثًا: يأتي افتتاح كنيس الخراب بعد ضم إسرائيل الحرم الإبراهيمي لهيئة الآثار الصهيونية، وفي هذا أبلغ دلالةً على أن ما يحدث من الجماعات الصهيونية المتطرفة هو بالتنسيق مع الحكومة الصهيونية، وبإيعاذ منها، كما أن توقيت ضمِّ الحرم الإبراهيمي قبيل افتتاح الكنيس اليهودي يوضح مدى الخبث، والدهاء الشيطاني لليهود، فهم أرادوا شغلنا عن الحرم الإبراهيمي بحيث ننسى ما حدث معه، ويتركز اهتمامنا بما يحدث للمسجد الأقصى نظرًا لعظم شأنه عند المسلمين
رابعًا: من دهاء اليهود ما يتم الآن في باحات المسجد الأقصى من اعتداءات متتالية، ولكنها محسوبة بدقة، بحيث يكون هدفها هو خلق حالة من (التعود) لدى المواطن العربي والمسلم، بحيث يعتاد هذه الاعتداءات مع مرور الوقت، ومن ثم يفقد اهتمامه بها.
هذا ما تراهن عليه "إسرائيل" في المرحلة القادمة من خلق حالة اعتيادية في التعامل مع القدس، والمسجد الأقصى، بحيث يتبعه فقد اهتمام من قبل المسلمين لنفاجأ ذات صباح على خبر هدم المسجد الأقصى، هذا ما يسعى الصهاينة إليه، وقد استخدمت هذه الإستراتيجية- التعود- بنجاح بارع في عدة أقطار إسلامية للأسف الشديد، فما يحدث في العراق، وأفغانستان من مذابح يومية أصبحت هي الأخرى (اعتيادية) لا تحرك ساكنًا لدى أحد، وتستثير نخوة إنسان حر
خامسًا: من الملاحظ أيضًا أن ما حدث لم يستفز أحدًا من الشعوب العربية، اللهم إلا الحركات الإسلامية، وتحديدًا جماعة الإخوان المسلمين التي خرجت في تظاهرات في عدة دول عربية للتنديد بما يحدث، ونتج عن ذلك اعتقال المئات من كوادر، وقيادات الجماعة غالبيتهم من مصر، والباقي من الأردن، وهذا بدوره يطرح تساؤلاً غاية في الخطورة، أين البقية الكاسحة من شعوب الأمة من هذا الحدث الجلل الذي يستدعي أقصى درجات الاستنفار؟!
أدرك أن شعوبنا العربية والإسلامية تعاني أيما معاناة من الظلم، والطغيان، والاستبداد الجاثم على الصدور، والذي يمنعهم في كثير من الأحيان من حق التظاهر السلمي، لكن من قال أيضًا إن الحقوق تسترد بلا تضحيات، وبذل الغالي والنفيس في سبيله، (فلن يكون لدينا ما نحيا من أجله.. إن لم نكن على استعداد أن نموت من أجله) كما يقول "سيد قطب"
سادسًا: عندما قرأت هذه التسمية كنيس (الخراب) تذكرت قوله تعالى: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ (2)﴾ (الحشر)، رغم أنها في فلسطين ليست بيوتهم، لكنها بشرى أن ما يفعلونه الآن في فلسطين، والقدس سوف يكون خرابًا عليهم بإذن الله، الله يخرب بيوتهم.

الخميس، ١١ مارس ٢٠١٠

صدمة ألا تكون هناك صدمة !!



صدمة ألا تكون هناك صدمة

بقلم / د ممدوح المنير



حين تداولت وسائل الإعلام خبر ضم الكيان الصهيوني للحرم الإبراهيمي لهيئة الآثار اليهودية؛ توقعت أن يكون الحادث صادم
للجميع، أقلّها على مستوى الشعوب؛ مما يجعل (الصدمة) مقدمة لانتفاضة شعوبية مستحقة طال انتظارها على ما يحدث في فلسطين المحتلة.
لكن صدمتي الكبرى كانت بالصمت المطبق الذي خيَّم على العواصم العربية والإسلامية بعد نشر الخبر؛ مما لم يدع للمرأ مجالاً للشك من أن الأمة تعاني من حالة موات أو غيبوبة في أحسن الأحوال.
لم يفلت من هذا المشهد الكئيب سوى مدينة الخليل ذاتها التي انتفض أهلها؛ احتجاجًا على ضم الحرم الإبراهيمي، في حين اكتفت بقية الأمة بمقاعد المتفرجين، وهي مقاعد لحسن الحظ بلا رسوم!- وإلا لوجدناها خاوية هي الأخرى!!-؛ حيث يكفيك أن تضّجع في مقعدك الوثير تشاهد على شاشة التلفاز ما يحدث أمامك، ولا مانع من بعض التسالي لزوم (المشاهدة)!!، وعندما تثور نخوتك قليلاً فما عليك سوى أن تمصمص الشفاه أو تقطب جبينك قليلاً حزنًا على ما يحدث، ثم تنام قرير العين مرتاح البال على تأدية واجبك النبيل، هذا على ما يبدو أقصى نضال لأمة تعيش في زمن التيه.
لم يشفع للحرم الإبراهيمي- لتثور الأمة- أن به قبر الخليل إبراهيم عليه السلام أبي الأنبياء، وسيدنا إسحق ويعقوب عليهما السلام، وزوجاتهم سارة ورفقة ولائقة وإيليا على التوالي عليهم السلام، دُفنوا جميعًا في مغارة (المكفيلا) التي يقوم عليها الحرم الإبراهيمي الشريف ، وفي الحرم الشريف كذلك ضريح للنبي يوسف عليه السلام، وقبر سيدنا آدم ونوح عليهم جميعًا السلام, كما تقول بذلك الروايات المختلفة
.
العجيب أن هؤلاء الأنبياء العظام الذين دُفنوا في هذا المكان كانت حياتهم قصة نضال وكفاح بالغة الروعة ضد الظلم والطغيان، حرروا بها البشر من أسر الشهوات وظلامات الجهل، وذل العبودية لغير الله، فما الذي حدث لهذه الأمة؟!.
لم أجد تفسيرًا للوضع الذي نحياه سوى ما قاله الرسول صلى الله عليه و سلم: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ في قلوبكم الوهن. قالوا وما الوهن؟ - أي ما سببه وما سره فإن معنى الوهن معروف وهو الضعف- قال: حب الدنيا وكراهية الموت".
يقول العلامة الدكتور يوسف القرضاوي حول هذا الموضوع: "لقد بات إيمانهم إيمانًا (جغرافيًّا) بحكم ولادتهم في أرض المسلمين، أو إيمانًا (وراثيًّا) يأخذونه عن آبائهم كما يرثون الدور والعقارات، بات إيمانًا مخدرًا نائمًا لا تأثير له، ولا حيوية فيه، فكيف يورث القوة، ويهب للنفس العزيمة والمضاء؟!".
هذا هو مبعث الوهن الحقيقي، وسر الضعف الأصيل، أن يخلد المرء إلى دنياه الخاصة، فيعيش عبدًا لها مطواعًا لأوضاعها الرتيبة، أسيرًا لقيودها الثقيلة، تحركه الشهوات كالخاتم في الإصبع، وتسيره الرغائب المادية كالثور في الساقية، يتحرك في مدار محدود، فاقد الهدف معصوب العينين.
حب الدنيا هو الذي يجعل الملك في صولجانه عبدًا ضعيفًا، رخو العود، أمام امرأة يعشقها، أو شهوة يطمع في نيلها، أو نديم يخشى أن يفضحه، أو حاشية تعينه على سرقاته ونزواته.
وكراهية الموت هي التي تجعل الأفراد والجماعات يؤثرون حياة ذليلة على موت كريم، يؤثرون حياة يموتون فيها كل يوم موتات، على موت يحيون بعده حياة الخلود..
ومن لا يمت تحت السيوف مكرمًا يعش ويقاسي الذل غير مكرم
انتهى، فهل يتعظ أحد؟!

السبت، ٢٧ فبراير ٢٠١٠

استعدوا للحرب




استعدوا للحرب ؟



هل لا حظت معى، أن إمارات ونذر الحرب، أصبحت تملأ المنطقة بشكل يوحى بأن المنطقة العربية مقبلة على صيف شديد السخونة هذا العام، إذا استمر قرع طبول الحرب على هذا النحو .
إذا ركبت أجزاء الصور التى تشاهدها على قنوات الأخبار ، سرعان ما يتضح أمامك أن هناك حرب تدبر بليل، وأن الأجواء السائدة حاليا فى العواصم العربية والغربية هدفها الأوحد هو ( التهيئة النفسية ) للضرب القادمة.
الحاصل من حولنا يحمل كثير الدلالة على صحة ما نطرحه هنا، كيف ؟ !
أولا ) إيرانيا : وصلت المفاوضات الإيرانية الغربية لطريق مسدود بعد الفشل فى عقد إتفاق مرضى للطرفين، فى الوقت الذى أعلنت فيه إيران التحدى وسرعت من وتيرة برنامجها النووى بشكل نقل الموقف الإسرائيلى الأمريكى الغربى من ( الإنزعاج ، القلق البالغ ) من البرنامج النووى الإيرانى إلى الشعور (بالتهديد المباشر) وانقلاب الكفة إستراتيجيا على المدى القريب لصالح إيران إذا استمر برنامجها النووى يتقدم بهذا الشكل الذى يمكنها من امتلاك القنبلة النووية قريبا .
فالجميع يعلم ويدرك جيدا أن إسرائيل ( من غير السلاح النووى ) هى الطرف الأضعف بالنسبة لإيران، فامتلاك إيران للسلاح النووى يمكنها من أن تصبح القوى العظمى فى المنطقة بلا منازع ، وبالتالى يضرب الوجود الإسرائيلى فى مقتل، امام هذا الطرح يصبح اهتمام اسرائيل بالقضاء على البرنامج النووى الإيرانى هو مسألة حياة أو موت بالنسبة لها ، لذلك اعتقد أن اسرائيل مشغولة حاليا بكيفية امتصاص رد الفعل الإيرانى على الضربة التى قد توجّه لها، أكثر من انشغالها بهل ستوجه لها هذه الضربة أم لا ؟.
ثانيا ) فلسطينيا : مثّّل إغتيال الشهيد المبحوح فى دبى أحد أهم نذر الحرب القادمة وإذا أضفنا إليها ما يكمل الصورة من فشل صفقة شاليط وحديث باراك عن القيام بعملية عسكرية لتحريره، مع تصاعد وتيرة التهويد للقدس الشرقية فضلا عن الإنتهاكات الإسرائيلية المستمرة لقطاع غزة، بهدف جرّ حماس لرد فعل غير محسوب يجعلها هى البادئة فى توتير الأوضاع مما يدفع المنطقة للحرب، خاصة أن شن مثل هذه الحرب أصبح ( ضرورة إسرائيلية ) سواء للمزايدات الإنتخابية داخل إسرائيل، أو للقضاء على حماس ومن ثمّ تصفية القضية الفلسطينية برمتها خاصة أن الحكومة العربية فى اسوء حالتها فهى تتوزع بين الجبن والخنوع والخيانة، كل هذه المشاهد تجعلنا سرعان ما ندرك أن هناك حرب ما يجرى الإعداد لها على قدم وساق فى الخفاء وفى العلن .
ثالثا ) لبنانيا : تواصلت التهديدات الإسرائيلية لحزب الله فى الفترة الأخيرة دون أسباب موضوعية تستدعى هذا التصعيد السياسى و الإعلامى ضد الحزب ، مما دفع الحكومة البنانية ذاتها لرفض هذه التهديدات على لسان مسئوليها، هذه التهديدات بالطبع ليست فقط من باب الحرب النفسية لإستدعاء الحكومة اللبنانية الجديدة على سلاح حزب الله، لكن السبب الحقيقى هو شعور إسرائيل أن حزب الله أًصبح قادرا على ضرب العمق الإستراتيجى لإسرائيل وأن كل يوم يمر، يزيد من قوة الحزب ويصعب من مهمة إسرائيل فى القضاء عليه لذلك فإسرائيل معنية بإنهاء هذا الصداع المزمن بالنسبة لها فى القريب العاجل .
رابعا ) مصريا : بناء مصر للجدار الفولاذى على الحدود مع غزة بغرض خنقها تماما ووقف الدعم اللوجستى لها عبر الأنفاق ، مع التقارب والتفاهم المصرى الإسرائيلى والذى وصل إلى حد ( الوله ) فالرئيس المصرى يتصل بالسفير الإسرائيلى فى القاهرة ليودعه قبل رحيله!! ويتصل بوزير إسرائيلى ويهنئه بعيد ميلاده !! هذا فضلا عن التهنئات المباركات المصرية التى تمت منذ فترة بمناسبة الإحتفالات الإسرائيلية بعيد ( الإستقلال !! ) كما يزعمون عام 48 !! هذه الأنباء أذاعتها وسائل الإعلام فى الفترة الأخيرة ولم يكذبها أحد فى الحكومة المصرية وكما هو معلوم صحفيا وقانونيا أن الخبر الذى ينشر ولا يتم تكذيبه تزداد مصداقيته.
هذا ( الوله ) المصرى بإسرائيل ، قابله هجمات أمنية شرسة على جماعة الإخوان المسلمين فى مصر - الراعى الرئيسى لحركة حماس - طالت قيادات كبرى فى الجماعة و بوتيرة متصاعدة بهدف شغل الجماعة بمشاكلها الداخلية و بإمتصاص الضربات الأمنية المتلاحقة لها، مما يشلّ كثيرا من حركتها على الأرض وهذا يؤدى بدوره إلى ( تسكين ) الوضع الداخلى تماما، مما يهيأ الأجواء للحرب القادمة و يجعل القائمين عليها ( يعملون ) دون ( إزعاج ) يذكر من الشعوب وخاصة مصر والتى كان لها نصيب الأسد من الإحتجاجات التى صاحبت حرب غزة الأخيرة وأريد لها ألا تتكرر - الإحتجاجات - مّرة أخرى .
إذا أضفنا لذلك أن مصر مقبلة على إنتخابات تشريعية هامه هذا العام تليها إنتخابات رئاسية مفصلية، مما يجعل الشارع المصرى والمعارضة فى حالة (إنهاك و إنشغال ) كلّى وهذا بالطبع يعتبر ظرف مثالى لشن حرب بلا إزعاج.
خامسا) أمريكيا : الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة أوباما أمامها سنتين فقط بنهاية هذا العام قبل أن تدخل فى انتخابات رئاسية جديدة ، وهى بكل تأكيد تعلم أن هناك حربا لا بد أن تشن ّ عاجلا أم آجلا سواء مع ايران أو حماس و حزب الله ، و ليس من مصلحتها أن تدخل فى استحقاق انتخابى بعد سنتين تسعى للفوز به و هى فى حالة حرب ، لذلك من مصلحتها أن تنهى هذه الحرب فى القريب العاجل حتى تستطيع ان تتعامل مع تداعيتها بشكل كافى لا يؤثر على الإنتخابات المقبلة .
سادسا ) الإنتخابات الرئاسية المصرية العام القادم ( 2011 ) تعتبر عامل حيوى لتسريع وتيرة الحرب ، فالنظام المصرى الحالى يعتبر حليف مثالى قلّما يجود زمان بمثله ! ، و بالتالى تصبح المخاطرة على المجهول أمر لا تحمد عقباه ، فعصفور فى اليد خير من ( جمال ) أو غيره على الشجرة ، لذلك من الأهمية بمكان أن تتم الحرب هذا الصيف القادم للأسباب السالف ذكرها .
هناك بالطبع اسباب أخرى لا يتسع المقام لذكرها هنا منها قيام إسرائيل حاليا بتوزيع الأقنعة الواقية للغاز على مواطنيها وغيره من إستعدادت ما قبل الحرب، إن الواجب الذى يجب أن نشغل أنفسنا جميعا به الآن هو ما العمل ؟ وهل سوف نظل مفعولا بنا لا فاعلين ؟! ، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد .
* كاتب و باحث

blogger templates | Make Money Online