الاثنين، ٣١ مارس ٢٠٠٨

العار !!


نشر فى إخوان أون لين


بقلم / د ممدوح المنير


نعم.. إنه العار؛ تلك الكلمة التي أصبحت سيدةَ كلمات الموقف الرسمي العربي، عارٌ وأي عار!!.
لكن الموقف تجاوز حدود الكلمة بكثير، ولم أصدق نفسي- حتى الآن- أن هناك بشرًا بهذا السلوك المَقيت الذي لا يتصادم فقط مع بديهيات الدين، ولكن مع بديهيات الإنسانية جمعاء، والأكثر إيلامًا أن هذا الكلام ليس المعني به العدو؛ فهو عدو وهو لا يجد سعادته إلا في تعاستنا، أما أن يكون الموقف من إخوة الدين والنسب، والأرض والتاريخ والجغرافيا فهذا هو العار بعينه.

الموقف المعني هنا هو ما حدث مع جرحى المذبحة الصهيونية النكراء في قطاع غزة، وكان ضحيتها أكثر من 120 شهيدًا ومئات الجرحى؛ بينهم عشرات الضحايا من الأطفال، وضاقت مستشفيات غزة بمرضاها، فالتمس الإخوة الفلسطينيون المساعدةَ من مصر لتستقبل فقط الجرحى في مستشفياتها.

لم تطلب حماس أن تفتح الحدود أو يتدخل الجيش المصري لنصرة أهله في فلسطين.. لم يطلبوا حتى من حكومتنا الموقَّرة مجرد الشجب والإدانة.. فقط استقبِلوا الجرحى!!.

وسارعت حينها حكومتنا الرشيدة بأنها ستكون الصدر الحنون والقلب الرحيم بأهلهم في غزة، وأعلنت كذلك أنها على أتمِّ استعداد لاستقبال كافة الجرحى وعلى نفقتها الخاصة!!.. يا له من موقفٍ نبيلٍ تُرفع من أجله القبعات تحيةً وإجلالاً.

ثم كانت المفاجأة من العيار الثقيل: لم تستقبل مصر سوى بضعة وثلاثين جريحًا فلسطينيًّا، وأدخلتهم بشق الأنفس، بينما رفضت استقبالَ مئات الجرحى الآخرين وتركتهم معلَّقين وهم بين الحياة والموت على الحدود!!.

ليس هذا فحسب، بل إن الجرحى الذين سمحوا لهم بالدخول تُركوا ليموتوا على الأسرِّة في مستشفيات العريش حتى مات منهم أكثر من ثمانية جرحى بعد غلْق غرف العمليات في وجوههم!!، وأدانت حماس الموقف، وعبَّرت عن استيائها الشديد من الاستخفاف بأرواح ودماء الجرحى، ولكن لا حياةَ لمَن تُنادي.

أعلم أننا قد نختلف سياسيًّا أو دينيًّا، ولكن لم أتخيل أن يصل حتى الاختلاف إلى مستوى الشعور والحس الإنساني.. ما الذي يضير حكومتنا الرشيدة لو أحسنت استقبالهم وتقديم يد العون لهم؟! وإذا كانت تبيِّت النوايا السوء للتعامل معهم.. فلماذا أصلاً وافقت على دخولهم؟!

غاية ما أستطيع أن أقوله لأهلنا في غزة: "لا تحزنوا كثيرًا من الموقف المصري؛ فما حدث من الحكومة المصرية ليس المعني به أهل غزة فقط، ولكنه الموقف الرسمي للحكومة في التعامل مع الشعب المصري نفسه؛ فلا كرامةَ للمصري في وطنه؛ فحكومتنا الرشيدة المبجَّلة تقتلنا كلَّ يوم ألفَ مرة بفسادها واستبدادها وعجزها.. تقتلنا بالمأكل والمشرب، بل حتى بالهواء تقتلنا به.. تقتلنا في المستشفيات وفي مراكز الشرطة وفي العبَّارات والقطارات والطائرات؛ فهي حكومة مسجَّل "خطر".

أريدكم يا أهل غزة أن تدعوا لنا بأن يرفع عنَّا وعنكم هذه الغُمَّة الجاثمة على الصدور والعقول".

من مشاهد العار كذلك الطفلة المصرية التي قُتلت على الحدود المصرية بنيران صهيونية وهي تلعب أمام منزلها، وأصاب نظامنا الهُمام السكتة اللسانية وكأنه قد أكل "سد حنك"!! فلم نسمع له صوتًا ولم نرَ له موقفًا، فقط الخرس هو سيد الموقف!! بينما عندما عبر إخواننا الفلسطينيون الحدود لينعشوا الاقتصاد المصري تحدَّث وزيرنا الهُمام عن كَسْر الأقدام، ولكن مقتل الطفلة المصرية بنيران "إسرائيلية" لا يستحق حتى "كسرة أو فتحة"!!.

إن مشاهد العار التي نشاهدها كل يوم، والتي لا يتسع المقام لذكرها تدفع المرء إلى التساؤل: وماذا بعد؟! إلى متى يستمر المشهد العربي متشحًا بالهوان؟!
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.. اللهم آمين.

0 Comments:

blogger templates | Make Money Online