الاثنين، ٣١ مايو ٢٠١٠

عاوز أموّتكم !!!

عاوز أموّتكم !!!

بقلم / د ممدوح المنير


 نشر فى : اخوان أون لاين ، نافذة مصر ، بر مصر ، شبكة فلسطين للحوار


حين تتآكل الأخلاق و تنحدر القيم و تموت فى النفس كل معانى الإنسانية ، و يصبح الضمير أثرا بعد عين ، تتشكل أخلاق جديدة ،و قيم دنيئة ، تفرز سلوكيات تبعث على الدهشة و الحيرة ، يصبح معها الحليم حيران ، و يصيب العاقل بها مس من الجنون !! .

يتحول الإنسان  عندها  إلى وحش فى ثوب إنسان ، و أفعى سامة فى شكل جنتلمان !!! ،  فينشر الألم و المرار فيمن حوله، و يصطلى بشروره البشر و الحجر .

تداعت علىّ هذه المعانى و أنا أقرأ ما يحدث لإخواننا الفلسطينيين  على يد النظام المصرى ، بحيث تصبح ما تفعله إسرائيل بهم ( لعب عيال ) إذا ما قورن بما يفعله النظام بهم ،  بما لا يخطر على عقل بشر من صنوف التعذيب .

محمد إبراهيم البردويل ( 46 ) عاما صياد فلسطينى ، أب لثمانية من الأبناء ، يعمل بمهنة الصيد شاءت به الأقدار أن يحمله قاربه هو و إبنه محمد فى رحلة صيد إلى  المنطقة الفاصلة بين البحر عند رفح و مصر ، لكن عند العصر قام زورق مصرى بإرجاع مراكب الصيد الفلسطينية الكبيرة من حيث أتت و سمح للمراكب الصغيرة التى كانت إحداها للشهيد محمد إبراهيم البردويل  بالمرور و الصيد  حتى حل المساء و اقتربوا من الفجر فإذا بثلاث زوارق مصرية تنهال على مراكب  الصيد الصغيرة بالحجارة و الضرب  و سلب محتويات المراكب ، فجزع  جميع الصيادين و عادوا أدراجهم ، رغم أن السلطات المصرية هى التى سمحت لهم إبتداءا !! ، لكن الشهيد محمد البردويل أراد أن يتحدث مع الضابط المصرى  بلغة الأخ و الشقيق فقال له فى أدب (( عوزين إنروح يا سيدى )) فأجابه الضابط (( و أنا عاوز أموّتكم )) !!!

فشعر عندها الشهيد محمد البردويل بالخطر فحاول الهرب ، لكن الزورق المصرى - رقم ( 94 ) -  باغتهم فدهس بالزورق الشهيد و قاربه ومات من فوره ، و عندما صرخ الإبن لوعة واحتجاجا على الضابط الذى قتل والده قال له الضابط فى برود واستهتار ( متعلمتش و لا عاوز كمان ) !! .

هذه الحادثة تكشف عن حجم الإستهتار و الوحشية التى يتعامل بها بعض رجال النظام المصرى و أدواته تقربا و زلفا للباب العالى ، إنتظرت بعد نشر الخبر فى وسائل الإعلام  أن يكذب الخبر أحد من الحكومة المصرية ، إلا أن أحدا لم يعلق من قريب أو بعيد على الموضوع مما يعطى للخبر مصداقيته ، خاصة أن أهل الشهيد ليس لهم مصلحه من أى نوع فى إتهام مصر بذلك ، بل قد يعود ذلك بالضرر عليهم .

هذه القصة التى رويناها تحكى فقط صفحة من سجل المرار الذى تعامل به مصر الأشقاء الفلسطينيين ، أما أكثر الصفحات ألما و لوعة ، فهو ما يحدث لهم من تعذيب فى سلخانات النظام المصرى ، و التى تتمركز معظم التحقيقات مع الأسرى الفلسطينيين فى مصر  و غالبيتهم من رجال المقاومة  حول  بنية حركة حماس و طرق تهريب السلاح إلى قطاع غزة و مكان جلعاد شاليط و أماكن إختباء قادة المقاومة !!! ، هذه الأسئلة التى توجه لرجال المقاومة الفلسطينية  تحت وطأة تعذيب بالغ الشدة و القسوة ، تطرح تساؤلات عديدة عن الجهة الحقيقية التى تعمل لها جهة التحقيق مع الفلسطينيين و أعتقد أن نوعية الأسئلة تجعل الشخص متوسط الذكاء و ربما معدومه يعرف إلى أى حد من سجل الهوان و الخزى و العار الذى لا يمحوه تاريخ قد وصلنا !! .

فى حوار لضابط مصرى بجهة سيادية  مع و كالة أنباء  ( قدس برس ) و طلب عدم كشف هويته ، تحدث خلال الحوار عن كافة صنوف التعذيب التى تمارس بحق الفلسطينيين و التى قال عنها أنهم  (( معزولون عن العالم الخارجي ويعيشون في ظلام مطبق بشكل مستمر في زنازين ضيقة ورطبة وقذرة للغاية لا يستطيع حتى السجّان المكوث فيها لدقائق معدودة بسبب رائحتها الكريهة في حين يسجن المعتقل الفلسطيني فيها لأشهر متواصلة دون أن يرى الشمس".     

وتابع "كما أنهم ممنوعون من الصلاة بشكل نهائي وأثناء التحقيق يجبر المعتقل الفلسطيني على الصلاة وهو عاري بشكل كامل".

وأكد الضابط تعرض المعتقلين لأشكال عديدة من التعذيب الجسدي والنفسي بشكل مستمر من أبرزها الشبح وتعليق المعتقل متدلي من قدم واحدة أو يد واحدة على أنبوب حديدي في سقف الغرفة لمدة ساعات، وقال: "يتم ضربهم على الوجه والمناطق الحساسة بالعصي الكهربائية أو عصي "البيسبول" السميكة ويتم عصب أعينهم لأيام وقد تمتد لأسابيع  و شهور وربط الأيدي بالأقدام .".

 

وتابع "في مرات كثيرة يمنع المعتقل من النوم فيربط على عمود إنارة خارج سرداب الحبس لأيام وإذا حاول النوم أو بدأ بالانهيار يقوم العسكري بسكب مياه باردة جدا أو ساخنة على جسده. وكل ذلك يحدث والمعتقل مغطى الرأس بكيس من القش يوضع  لأيام في مياه الصرف الصحي ( !! .

 

 وأضاف: (  أما التعذيب بالكهرباء فيتم بشكل شبه يومي بحيث يعرى المعتقل من ملابسه بشكل كامل ويوضع جهاز كهربائي في المناطق الحساسة أو على القلب والرقبة حتى يصاب المعتقل بعدها بوهن وآلام جسدية وقد يعجز عن الوقوف والحركة ليصل به الحال أن يحتاج لمساعدة من باقي المعتقلين لقضاء حاجته) و  وأشار إلى أن هناك حالة أو حالتي وفاة يوميا بسبب التعذيب ((القدس برس

 

هذه الأنباء التى تتناقلها وسائل الإعلام على الحدود مع غزة و فى قلب القاهرة ، تؤكد أن ما يحدث مع الفلسطينيين فى مصر ، ليس محض صدفة و إنما يتم بشكل ممنهج و مدروس و برضاء تام من النظام .

 

إننى أطالب كل الغيورين و العقلاء من أبناء الأمة بعدم الصمت على هذه الممارسات التى لا تترعرع إلا بسكوتنا ، كما أطالب بفتح تحقيق عاجل حول صحة هذه الأخبار التى كثرت هذه الأيام ' فإما أن يتم تكذيبها أو تتكشف لنا حقائقها و القائمين عليها و ربما نجد أن ما خفى كان أسوء بكثير مما هو معلن .

الذى يشفى غليل المرأ و يجعله يرتاح قليلا رغم شدة ألمه مما يحدث ، هو أن عدالة السماء واقعة لا محالة و أن الله لا يظلم عنده أحدا وسوف يقتص من كل ظالم و يأخذ الحق لكل مظلوم ، و عندها لن تنفع النياشين و لا المنصب الحساس و لا البراعة فى إخفاء معالم الجريمة ، و لا العدالة المائلة ، فهو القائل فى كتابه ( و من يحلل عليه غضبى فقد هوى ) ، فاللهم منتقم من الظالمين .

 


الأربعاء، ١٩ مايو ٢٠١٠

ما الذى خسرته مصر و العالم بتطبيق الطوارىء ؟! ( 2 – 2 )


ما الذى خسرته مصر و العالم بتطبيق الطوارىء  ؟! ( 2 – 2 )


نشر فى : نافذة مصر ، اخوان اون لاين ، بر مصر


بقلم د /  ممدوح المنير *


تكلمنا فى المقال السابق عن كون مصر تكاد تعبر الدولة الوحيدة فى العالم التى تطبق قانون الطوارىء منذ ثلاثين عاما على شعبها ، و تحدثنا عن فحوى بعض مواد قانون الطوارىء و التى تعطى الحق لرجال النظام و سدنته فى الإلغاء العملى لكافة مواد الدستور و القانون المصرى ، حيث يجعل قانون الطوارىء الشعب مستباحا من قبل النظام فحريته مسلوبة بكاملها دون ضابط و ممتلكاته منهوبة بلا رقيب و حياة المواطن و حركته و سكونه تحت وصايته .

فى هذا المقال نلقى الضوء على الآثار التى ترتبت على حكم المصريين طيلة ثلاثين عاما بهذا القانون البائس :


أولا ) أكبر كارثة سببها هذا القانون هو تأسيسه لدولة عمادها الظلم و بناءها الطغيان و باطنها من قبلها العذاب و الفساد و الإستبداد ، حين نطلق هذه العبارات فهى ليست كلمات مجازية أو إنشائية ، بل هى حقيقة واقعة مشاهدة لكل إنسان صحيح البصر و البصيرة .


فمن المعروف أن السلطات التنفيذية فى معظم دول العالم سواء المتقدمة منها أو المتخلفة قد ( تتجاوز ) فى الصلاحيات الممنوحة لها فى القانون العادى- فى بعض الأحيان أو فى الكثير منها - لكن المشكل عندنا أن الأجهزة التنفيذية للدولة إعتادت العمل بقانون الطوارىء الذى يمثل واحد من أبشع القوانين التى عرفتها البشرية !! ، فما بالك عندما تتجاوز أجهزة الدولة قانون الطوارىء ذاته و تتعداه فى تعاملها مع المواطنين ؟! ، و إذا تعجبت من هذا الطرح فرجع إلى تقارير المنظمات الحقوقية و الدولية المستقلة لتدرك أن النظام لم يكتفى بقانون الطوارىء بل تعداه فى قهره للشعب و بشكل لم يخطر على قلب بشر !! .


ثانيا ) حين أسس النظام بنيانه على قانون الطوارىء  إنتشرالظلم و الطغيان فكان اول ما أصاب المواطن المصرى هو أن أصبحت صفات مثل ( الخوف و الفزع و السلبية ) هى المتحكمة فى نظرته للأمور و تقديره للأشياء ، فالخوف و الفزع هما وسيلة أى نظام مستبد للبقاء ، عندما غابت حقوق المواطن تحت عتبات الطوارىء ، إنسحب الناس من الحياة و أصبح المواطن يدير حياته بعيدا عن الدولة  ، فانتقلت الأمة المصرية من دولة الطوارىء إلى دولة الغابة ، دولة البقاء فيها للأقوى و الأفسد و لو إلى حين !! ، و أخذت دولة البقاء للأصلح تتلاشى من حياة المواطنين ، حتى أخذت سمات قانون الطوارىء يتشربها الطفل المولود ،و يتربى عليها الفتيان و يشيب عليها الكهول !! ، فنسى الناس – إلا من رحم ربى – أنهم ناس !! ، و عاشوا بمنطق القطيع يقادون و لا يقودون .


و حين تراجع  هذا على الأرض تجد أن كلماتى السابقة تعبر على إستحياء عن مرارة الواقع و التى لو تطرقنا إليها لما نفعنا مقال و لا كتاب و لا حتى موسوعة !! لنصف كيف تغيرت حياة الناس و أخلاقهم .


ثالثا ) إقتصاديا : يقول تعالى على لسان سيدنا إبراهيم }رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ{ [البقرة: 126]  ، المعنى الواضح لهذه الآية الكريمة هو إرتباط ( الشعور بالأمن ) بالرخاء الإقتصادى فلكى تحصل على الثمرات لابد من أن تشعر بالأمن و الطمأنينة  ، حين تطبق هذه الآية على الوضع الإقتصادى المتدهور الذى تعانى منه مصر ، سرعان ما تدرك ما الذى فعلته بنا الطوارىء ، إفتقر الناس و هربت رؤوس الأموال ، و بيعت معظم أصول مصر ، و تدهورت كافة مرافق الدولة بشكل غير مسبوق ، و سرّح ملايين العاملين و أنتشرت البطالة .


لأن الأمن مفقود و العدل موؤود و الباطل مسنود فى ظل الطوارىء ، تراجعت مصر فى كل مجالات التنمية و تقارير المنظمات الدولية خير شاهد على ذلك .

رابعا ) مجتمعيا : حين شعر الناس أنه لا حيلة لهم فى ظل الطوارىء تأقلموا مع هذا الوضع بعدة طرق منها الإنسحاب من الحياة و السلبية المطلقة  كما قلنا سابقا ، فوجدنا الكثيرين ينتحرون أو يقتلوا أبنائهم أو آبائهم إحتجاجا على ما تفعله الدولة بهم !! لم يكن هذا العنف موجه للنظام بل كان موجه للذات ، فكان قتلهم لأنفسهم أو لأحبائهم أهون عليهم من يتصادموا مع النظام !!  ، أمثال هؤلاء تجد معظمهم فى المناطق العشوائية و الهامشية تنتشر بينهم البلطجة و الإنحلال الأخلاقى و الأمية و الجهل و المرض لهم عالمهم الخاص المغلق عليهم بعد أن أصبحوا فى ظل الطوارىء طارئون على الحياة !!  .


 البعض الآخر إستخدم العنف ضد الدولة فدخل معها فى صراع مرير حين تقرأ بعض تفاصيله و تطلع على بعض أسراره سرعان ما تشعر بحسرة ما بعدها حسرة عن الخسائر فى القلب و العقل و الضمير و الجسد فى هذه الدولة الظالمة أهلها و قصص ما وراء الأسوار تكفى و زيادة .


آخرون  وجدوا الحل لمعضلتهم مع نظام الطوارىء بأن يرتموا فى أحضانه و يتمرغوا فى ترابه و يتخلقوا بأخلاقه !! ، فظهرت طبقة من البشر مات كل شىء فيها اللهم إلا شهواتها التى لا تروى من ظمأ و لا تشبع من جوع ، فانتشرت المحسوبية و الواسطة و الرشوة و قيم النفاق و التملق و الغدر و الخيانة و الغش و الكذب و التزوير و الفساد تقربا و زلفى للأسياد ، لأن رضا الباب العالى أصبح هو قانونهم الوحيد فى ظل الطوارىء بعد أن غيّب قانونهم الطبيعى الذى يضمن حقوقهم و هذا ليس تبريرا لهم بقدر ما هو تفسيرا للحال الذى وصلوا إليه .

ثم تبقى القلة القليلة الصابرة المرابطة التى لم تتلوث بعد و هذه هى معقد الأمل بعد الله و التى تقوى شكوتها كل يوم و تزداد عزيمتها كل حين ، و يقرب صبحها كل فجر .

خامسا ) حين سادت حالة الطوارىء و أخلاق الطوارىء و رجال الطوارىء ، لم تتأثر مصر وحدها و شعبها ، بل كانت هذه الحالة وبالا على الأمة بكاملها ، فحين تجذرت الطوارىء فى مصر أنبتت العلقم فى فلسطين و العراق و السودان و غيرهم ، فلم يعد للعالم العربى و الإسلامى ( كبير ) يعمل له حساب لدى الغرب ، لأن النظام إنكفأ على ذاته واستقال من كافة قضايا أمته اللهم إلا من باب رفع الحرج أو ذرا للرماد فى العيون لأنه يعلم أن بيته من خيوط العنكبوت فآثر السلامة و الإنسحاب على الممانعة و الكبرياء ،  و لأنه لا يوجد فى ظل الطوارىء أحد يحاسبه أو يراجعه  فلم يدخل فى صراع من أجل الأمة  أو يتبنى قضية من قضاياها ، بل كان للأسف معول للهدم أكثر منه معول للبناء و ما يحدث فى غزة و دوره المشبوه هناك جزء من كل ، من مشهد تعانى منه الأمة فى ظل الطوارىء .


إن هذه القانون لهو عار على التاريخ ، عار على الماضى و الحاضر و المستقبل ، عار  على كل إنسان يمتلك الحد الأدنى من الكرامة و الإنسانية ، أن الذى يقبل أن يعيش فى ظل الطوارىء عبدا و قد خلقه الله سيدا ، أسيرا و قد خلقه الله حرا ، ذليلا و قد خلقه الله عزيزا  لا يستحق الحياة و لا تستحقه ،  فهل نستيقظ و نتحرك قبل فوات الأوان ، اللهم قد بلغت ، اللهم فاشهد .


·        كاتب و باحث



السبت، ١٥ مايو ٢٠١٠

ما الذي خسرته مصر و العالم بتطبيق قانون الطوارئ ؟ 1 !



ما الذي خسرته مصر و العالم بتطبيق قانون الطوارئ ؟! ( 1- 2 )

 

بقلم / د ممدوح المنير *

 

 نشر فى : صحيفة الشعب ، بر مصر ، جبهة إنقاذ مصر ، نافذة مصر



تكاد تكون مصر هي الدولة الوحيدة عبر التاريخ الإنساني التي جعلت شعبها و مؤسساتها تعيش حالة ( طوارئ ) لأكثر من ثلاثين عاما منذ  تولي د. صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب المصري  رئاسة الجمهورية مؤقتا بعد إغتيال السادات فى السادس من أكتوبر  عام 1981، وحتى بعد انتقال السلطة للرئيس مبارك و استقرار الأوضاع لم تبادر الحكومة بإلغاء حالة الطوارئ .

رغم أنه من المعروف أن حالة الطوارئ لا تفرض إلا في حالة إعلان الحرب أو كارثة طبيعية مدمرة أو وباء مهلك و في هذه الاحتمالات الثلاثة ، تطبق حالة الطوارئ لتعذّر قيام مؤسسات الدولة المختلفة بأداء دورها الطبيعي دون التعرض للهلاك ، كما يتعذر تطبيق القانون الطبيعى لعدم وجود الآليات و الوسائل اللازمة لتطبيق القانون وقت الحرب أو الكارثة الطبيعة كالزلازل المدمرة و نحوها .

 

 

عندها فقط تفرض حالة الطوارىء و لمدة قصيرة جدا !! و فى بعض الدول لا تزيد عن أسبوع أو عدة أيام  !! ، و لا تجدد نهائيا إلا فى أضيق نطاق و تحت رقابة  قوية من الشعب  و لأيام معدودة وبمبررات مقبولة ، هذا ما يحدث فى الغالبية الساحقة من الدول العالم ! ، بل إن هناك دول تحدث فيها مبررات إعلان الطوارىء التى تحدثنا عنها سابقا و يرفض البرلمان إعلان حالة الطوارىء و لو ليوم واحد !! .

 

ففي فرنسا التي تعرضت لمظاهرات ضخمة لم يقبل الشعب الفرنسي استمرار الطوارىء أكثر من 12 يوما وعادت بعدها القوانين الطبيعية للأداء و ظيفتها ، و فى اليونان لم تستطع الحكومة اليونانية فرض حالة الطوارىء أكثر من شهر على الشعب اليوناني الذى خرج للتظاهر بعد مقتل أحد الشباب على يد شرطى ، وفي الهند سقطت حكومة السيدة أنديرا غاندي عام 1961 لفرضها حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر فقط !! ، وحتى في الولايات المتحدة وإنجلترا وأسبانيا رغم تعرضها لحوادث إرهابية لم تتمكن حكوماتها من إعلان حالة الطواريء لأكثر من بضعة أشهر .

 

هذا ما يحدث فى كل دول العالم تقريبا سواء كانت متقدمة أو متخلفة ، دول عالم أوّل  أو ثانى أو ثالث ، فقيرة أم غنية ، أمّا فى مصر فتكاد تكون الدولة الوحيدة التى تفرض ( حالة ) الطوارىء دون أى مبرر منطقى مقبول ، اللهم إلا تثبيت أركان نظام منتهى الصلاحية منذ فترة طويلة و يدرك جيدا أنه لا يستطيع أن يبقى فى الحكم لساعة واحدة دون طوارىء .

 

 هذا القانون يعطى للرئيس و النظام صلاحيات هائلة ، تلغى عمليا الدستور المصرى بكامله !! ، كما أنه يجعل من الوطن سجن كبير و يكفى أن تتطلع على جزء من نص القانون لتعرف لماذا تتشبس به الحكومة و النظام طيلة ثلاثين عاما ، تقول بعض نصوص القانون فى مادته الثالثة " لرئيس الجمهورية متى أُعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو (  شفوي !! ) التدابير الآتيــة : وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وكذلك ( تكليف ( أي شخص!! )  بتأدية ( أي عمل من الأعمال  !!!!!! )  ..." و ( الاستيلاء !!! )  على أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات وكذلك تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة والتي تستحق على ما تستولى عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة" .

 

تأمل معى هذه العبارات التى وردت فى الفقرة السابقة

* أن يتخذ بأمر ..  ( شفوى ) بمعنى أن يصدر ما يشاء من قرارت  قد تحدد مصير  الشعب بتحريك لسانه فقط !!  ، و فى نفس الوقت لا يستطيع أحد أن يحاسبه عليها  لأنه غير مكتوبة و غير موثقة !! .

 

·        وضع ( قيود ) على ( حرية ) الأشخاص فى ماذا ؟! (الإجتماع ،  الإنتقال ، الإقامة ، المرور ) يعنى لا تجلس فى بيتك إلا برضاه ! و لا تتحرك خارج بيتك إلا برضاه ! و لا تجلس مع أحد إلا برضاه ! ،و لا تسير فى طريق إلا برضاه ! .

 

·        القبض على ( المشتبه به أو الخطرين على الأمن العام و ( النظام العام !! )  ) من الذى يحدد أن هذا الشخص خطر أو مشتبه به ؟! ، لا أحد سوى رجال النظام .

 

·        تفتيش الأشخاص و الأماكن ( دون التقيد بأحكام القانون ) يعنى حرمات البيوت و الأعراض و المؤسسات  منتهكة فى أى وقت و بدون موافقة النيابة فقط طبقا لمزاج رجال النظام .

 

·        تكليف ( أى شخص ) بتأدية ( أى عمل ) !!!! ، لاحظ مع ( أىّ )  التى فى العبارة ، يعنى يستطيع تكليف أى إنسان ،  متعلم أو غير متعلم ، نصاب أم شريف ، مؤهل أم غير مؤهل  ، مستحق أو غير مستحق ، أى أحد بلا قانون أو أعراف مجرد ( رغبته ) فى ذلك هى وحدها قانون ، ثم لاحظ بقية الكارثة ( أى عمل ) لم يقل النص ( أى عمل لا يخالف القانون ) ، لكن ( أى عمل ) و فقط  سواء كان مشروع أو غير مشروع ، حلال أم حرام ، صواب أو خطأ ، لا فرق فهو يستطيع تكليف أى شخص بأى عمل !!!! .

 

·        ( الإستيلاء ) على  ( أى)  منقول أو عقار !! ، السرقة بقوة القانون يعنى لو حضرتك الصبح إستيقظت من النوم و وجدت من ينقول لك هذا البيت لم يعد بيتك ، فلا تتعجب إنها إرادة قانون الطوارىء ، و إذا كنت تركب سيارتك و و جدت  من يوقفك و يستولى عليها من الحكومة ، فلا تتعجب و تصدم  فقانون الطوارى ء يعطى الحق للنظام بسرقة بيتك أو أموالك أو ممتلكاتك بالأمر المباشر ودون رجوع للقضاء أو أى شىء !! .

 

لاحظ معى أنى نقلت لك الكوارث التى فى فقرة واحدة من القانون و لم أتحدث عن بقية الكوارث و المصائب فى باقى الفقرات .

فى المقال القادم بإذن الله نكمل الحديث عن الآثار المترتبة عن تطبيق قانون الطوارىء لا فى مصر وحدها و لكن على العالم العربى و الإسلامى كذلك  !!  .

 

* كاتب و باحث


الخميس، ٦ مايو ٢٠١٠

مصر و إسرائيل الحب الحرام !!


مصر و إسرائيل الحب الحرام !!


بقلم / د ممدوح المنير *


نشر فى : اخوان أون لاين ، نافذة مصر ، بر مصر ، الشعب


حين تتأمل ما يحدث بين النظام المصري و إسرائيل في الآونة الأخيرة ، سرعان ما ينتابك قدر كبير من الدهشة التي تبعث على المرار ، و التعجب الذي يدعو للريبة ، و الشك الذي يملأ نفسك بسىّء الظن .

 إننا أمام حالة  ( حب ) مصري تجاه إسرائيل ، و العجيب أنه حب من طرف واحد !! ، و كأن مصر قد رفعت شعار

( ما محبة إلا بعد عداوة ) أو  أنه تطبيق في غير موضع للآية الكريمة التي تقول  ( فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم ) فصلت من الآية 34!! .

تأمل معي هذه الجملة من المواقف المتتالية والتى حدثت خلال فترة قصيرة من الزمن لتعرف الحال الذي وصلنا إليه:


1)    الرئيس المصري هنأ الحكومة الإسرائيلية و الشعب الإسرائيلي  بذكرى ( استقلال دولة إسرائيل !! ) و التي هي ذكرى نكبة فلسطين في 48  !! .

 

2)    الحكومة المصرية تفرج عن متسللين إسرائيليين إلى أرض سيناء بعضهم مسلح و تعيدهم إلى إسرائيل آمنين سالمين دون محاكمة ، في حين أنها حكمت – عسكريا - بالسجن على مصريين تسللوا إلى قطاع غزة  للتضامن مع أهل القطاع ( الأستاذ مجدي حسين الأمين العام لحزب العمل المصري نموذجا ).

 

3)    اتفاقية الغاز التي تمد بموجبها مصر إسرائيل بالغاز المصري بأقل من السعر العالمي بنحو عشرة أضعاف على الأقل و تخسر مصر يوميا يسبب ذلك 55 مليار جنيه من أجل عيون إسرائيل ، في حين أن حرب أنابيب الغاز تشتعل في مصر ،  بل سقط أول قتيل مصري من أجل أنبوبة الغاز !! .

 

 

4)    دعم مصر لموقف إسرائيل الذي يقضى بالدخول في مفاوضات غير مباشر مع السلطة الفلسطينية  دون

وقف الاستيطان و دون شروط مسبقة  !! ، رغم الفشل الذريع لعشرات المفاوضات المباشرة   .

 

5  ) الأحكام القاسية التي صدرت بحق المتهمين فيما عرف ( بخلية حزب الله ) و التي كانت مجمل أهدافهم  هي دعم الشعب الفلسطيني ، و قال حينها المحللون أن الخلية قد تكون أخطأت

( قانونيا ) بالعمل بغير غطاء شرعي في مصر و لكنها أحسنت ( سياسيا ) في دعمها للشعب الفلسطيني  الذي هو واجب الجميع .

 

6 ) زيارة نتنياهو الأخيرة للقاهرة بعد تعافى الرئيس المصري من وعكته الصحية  و التي قالت الصحف العبرية بأن  ( الترحيب ) المصري بالزيارة  كان ( رائعا  !!) ، في  حين تتلكأ  مصر في استضافة الرئيس السوري الذي أراد أن يزور الرئيس مبارك لتهنئته بسلامته  .

 

7 ) بناء الجدار الفولاذي على الحدود مع قطاع غزة للمساهمة في خنق كلى  للقطاع المحاصر ، مع تسميم الأنفاق لقتل العاملين بها ، كما حدث مؤخرا و قتل أربعة أشخاص بالغاز السام داخل أحد الأنفاق ، مما يصب في النهاية في صالح إسرائيل .

 

8 ) ترميم المعبد اليهودي – موسى بن ميمون - في القاهرة على نفقة الحكومة المصرية  ( 2 مليون دولار ) رغم عدم وجود يهود  مصريين ، و رغم أن الآثار الإسلامية تتهاوى بفعل الإهمال المتعمد !! من جانب الحكومة .

 

      لك أن تتخيل أن هذا هو الشق المعلن من المواقف ، أما الشق الغاطس الذي قد لا يعلمه الكثيرين فحدث و لا حرج ، مما يجعلنا نطرح تساؤلا مشروعا عن سبب هذه العلاقة العجيبة  المريبة بين النظام المصري و إسرائيل ، و التي تجاوزت كل حدود اللياقة و القيافة المطلوبة و خاصة أن مخزون الكراهية لإسرائيل لا يزال مرتفعا بين أبناء الشعب المصري و العربي ، ليس هذا فحسب بل قيام إسرائيل بأدوار مشبوهة في تحجيم الدور المصري على الصعيدي العربي و الدولي و تهديد الأمن القومي المصري مباشرة و دورها فى منابع النيل ليس منّا ببعيد  .

 

حين تبحث عن السبب ، قد يتبادر إلى ذهنك أن ترتيبات و طموحات رجال  السلطة في مصر و ما يلزمهم من تثبيت أركانهم من دعم أمريكي أوربي لا يتأتى إلا برضا إسرائيلي قد يكون السبب وراء هذا الانكفاء المصري تجاهل إسرائيل و هذا سبب له وجاهته بكل تأكيد .

أو قد يقول قائل إنها توابع  اتفاقية كامب ديفيد و شروطها المعلنة و السرية  وحتمية إلتزام مصر ببنودها ، لكنى أعتقد أن هذا أو ذلك لم يكن السبب المباشر فى هذا التحول المذهل فى العلاقة مع إسرائيل لدى النظام الحاكم من العدو اللدود إلى الصاحب الودود  ، فى عملية إنقلاب على حقائق الواقع و التاريخ  و المستقبل .

 

لكن فى إعتقادى أن السبب الحقيقى فيما  يحدث هو نظرة مصر لنفسها أو قل إن شئت الدقة نظرة النظام المصري لمصر و طبيعة دورها ، ففي عهد عبد الناصر رغم كافة مثالبه إلا أن نظرته لمصر و مكانتها و دورها كان مرتفعا فارتفعت مصر إلى مستوى الأحداث و كانت حركتها و سكونها محط اهتمام العالم أجمع ، لكن حين انتقلت القيادة للسادات و أنشغل في بداية عهده بالتخلص من موروث سابقه على مستوى الأفكار و الشخوص .

بدأ حينها الدور المصري فى التراجع حتى قال السادات جملتيه الشهيرتين  الأولى (  أن 99 % من أوراق اللعبة فى يد أمريكا ) و الثانية أن (  حرب أكتوبر هى آخر الحروب ) ، و ترجمت هذه الفكرة الساداتية إلى واقع و سلوك و منهاج و انتقلت مصر من مقام الندية و الاستعلاء  فى علاقتها بالغير إلى مقام التبعية و الانزواء ، و اصبحت هاتين العبارتين هما الدستور الغير مكتوب للسياسية و الإستراتيجية المصرية والتزم النظام المصرى بعد السادات بتطبيقهما بإخلاص منقطع النظير  ، فتم ترجمتهما إلى سياسات و آليات ظلت تخصم من رصيد مصر الداخلى و الخارجى ، حتى أصبح النظام المصرى يستمرأ السقوط  و فى كل مرة يتنازل فيها كان يصعب عليه العودة إلى المربع الأول حتى خرج تماما من معادلة القوة و أصبح جزءا من معادلة الضعف لا لمصر و حدها و إنما كذلك للعالم العربى و الإسلامى    .

* كاتب و باحث

 

 


السبت، ١ مايو ٢٠١٠

من حجرة الجلوس إلى حجرة النوم !!


من حجرة الجلوس إلى حجرة النوم !!


بقلم / د ممدوح المنير *

 

نشر فى : نافذة مصر ، بر مصر


دار حوار بينى و بين أحد الأصحاب عن المستجدات فى الساحة المصرية و المتوقع من سيناريوهات  المواجهة بين النظام و المعارضة بكافة أشكالها ، فأخذ  يحلل الواقع فى اسلوب لا يخلوا من حكمة و فى حماسة لا تخلوا من غيرة على الوطن ، مما أثلج صدرى  من وجود أمثال هذا المواطن الواعى .


لكنه لم يمهلنى كثيرا ، إذ سرعان ما أتحفنى بكلام  ملىء بالإستسلام و الضعف ، وجدته يقول لى ( الحل فى ربنا )  قلت له و نعم بالله ،  لكن المولى عز وجل يقول { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم {  [ الرعد : من الآية 11] ، قال لى ماذا تقصد ؟! ، قلت  له إن الله يساعد الذين يساعدون أنفسهم ، و نحن لا نفعل سوى العكس ندمر انفسنا !! ، إذا لم نتحرك نحن أولا و نرفض ونقاوم الظلم و الطغيان و الإستبداد الذى تحياه الأمة فسيتجه حالنا من السىء إلى الأسوء ، فالمولى عزّ وجل  تدخله فى مجريات الأمور حاصل وواقع ، لكنه لا يفرض واقعا جديدا نتمناه  إلا بعد أن يستفرغ الدعاة و المصلحون كافة الوسع و الطاقة و الجهد ، عندها يستشعر فيهم الإستعداد للتضحية فى سبيله ، فيأتى النصر بإذنه.


شعرت أنه لم يرتاح لحديثى فقلت له مستبقا  (( و عادة  الناس جميعا يعرفون هذا الكلام أكثر منى ، لكن الكثير منهم  لا يريد أن يقتع به ، أو بمعنى أدق يدّعى عدم إقتناعه به !! ) ، فقال لى مندهشا - لأنى كشفت سريرته - كيف ؟!! ، قلت لأنه لو إقتنع ، فسوف يترتب على هذا الإقتناع ، أن يبدأ فى العمل و الحركة و بذل الجهد و الطاقة و التضحية بكل غالى و نفيس فى سبيل ما يؤمن به ، و كل هذا ثقيل على النفس مكروه بالنسبة لها ، فيعيش فى أزمة ضمير و إحساس بالتقصير إذا كان لديه قلب حىّ ، لذلك تجد الشخص يناور و يجادل و يدخل بك فى معارك جانبية أو فى حوارات لا تغنى و لا تسمن من جوع ، ليهرب من إستحقاقات المواجهة ، و ليجد مخرج لضميره كى يرتاح ، فسكت صاحبى و لم يحر جوابا .


لكنه أتحفنى بآخر نصائحه قائلا لى  و قد إكتسبت عبارته نبرات إنكسار لا تخطئها أذن ( ابعد عن الشر و غنيله !! )


فقلت له مبتسما المشكلة أن الشر هو الذى يأتى لنا ، كما أنى لا أجيد الغناء !!  ، فقال لى ( لا طاقة لنا بهم ) ، فقلت له مشفقا عليه ، ما أسوء شىء ممكن أن يحدث لك ؟! ، فقال لى فى سرعة عجيبة ( دخول السجن ) ، فقلت له هل هذا أسوء شىء ؟! ، فقال لى ( و هل هناك أسوء من ذلك ؟! ، قلّت قيمة و بهدلة ) فقلت له على رسلك دعنا نراجع كلماتك :


أولا قلت أنه أسوء ما يحدث لك ، فدعنى أسألك أيهما أسوء أن تدخل السجن بضعة أشهر أم تصاب بالسرطان ؟! ، فنظر إلىّ مبهوتا و سكت ، فأكملت حديثى دون أن أنتظر منه إجابة أيهما أفضل السجن بعض الوقت أو أن تصاب بفشل كلوى أو تليف كبدى أو بشلل أو بمرض مزمن من سكر و ضغط و نحوه أو غيرها من الأمراض الكثير ) .


للاسف الشديد معظم هذه الأمراض السابقة مصر الأولى عالميا فى معدلات الأصابة بها – عشرات الملايين - نتيجة تفشى الفساد و الإهمال الذى تخشى أن تقاومه ، يعنى الشر – مجازا و كل ما عند الله هو خير - هو  الذى أتى لك و لم تذهب أنت إليه !! ، فماذا تختار ؟! ، فقال صاحبى فعلا الحبس بضعة أشهر أحب إلىّ من أن أبتلى بهذه الأمراض عافنا الله و إيّاك .


فقلت له أثناء إعتقالى حكى لى أحد رفقاء الزنزانة  أثناء وجوده بسجن الترحيلات وهو حجز مؤقت لعدة ساعات أو أيام  للمعتقل لحين  توزيعه على أحد السجون ، قال رفيق الزنزانة (( جاءتنى زيارة من أهلى و فى صحبتهم صديق لى مريض بالسرطان و يعانى منه أيّما معاناة ، حتى أنه كان لا يقدر على الحركة ، و قد أصرّ أن يزورنى ،  فأوقفوه أمام الزنزانة التى أنا محبوس فيها و كانت حالتى النفسية فى غاية السوء و فى حالة جزع ، ثم  حملوه و رفعوه إلّى ليرانى من شباك الزنزانة المرتفع ،  و سلم علىّ ثم قال لى يا فلان و الله إنى على استعداد أن أجلس فى زنزانتك هذه بقية حياتى ،شريطة  أن يخفف عنّى الله الآلام التى أشعر بها ، فقال صاحبى فانتبهت واستحيت من الله على جزعى و قلت لنفسى السجن أحب إلّى مما هو فيه ) .


ثم أنت يا صاحبى تقول لى أنه ( قلّت قيمة و بهدلة ) ، فأما موضوع قلة القيمة فأستغرب أن يقول هذه الكلمة مثلك ، ، فقال لى لماذا ؟! ، فقلت له : كنت أحسبك من طبقة المثقفين الذين يعون جيدا وقائع التاريخ ؟! ، فقال لى كيف ؟! ، فقت له : هل  تعرف هذه الأسماء ( سيدنا يوسف عليه السلام ، أبو حنيفة النعمان ، أحمد بن حنبل ، بن تيمية ، أحمد ياسين ، سيد قطب ، حسن الهضيبى ، خيرت الشاطر ، محمد بديع ، مهدى عاكف ، فهمى هويدى ، مجدى حسين ، أسامة الغزالى حرب ، محمد حسنين هيكل ، مانديلا ، ... الخ ) و غيرهم الآلاف بل عشرات الآلاف من القادة و المصلحين و الكتاب و المفكرين و السياسيين على إختلاف مشاربهم ، هل قلل السجن من قيمتهم ؟! ، فسكت صاحبى و قد يأس من أن يجد جوابا و أطرق بعينيه إلى الأرض ، فوضعت يدى على كتفه و قلت له فى ودّ ، إن أقدار الرجال تعرف بقدر تمسكهم بمبدائهم و إستعدادهم التام للتضحية فى سبيلها ، إنهم يخافون كما يخاف الناس و لكن الذى يفرق بينهم و بين غيرهم هو سرعة التغلب على هذا الخوف ، فالخوف لدى الرجال طارىء و لدى أشباه الرجال دائم .


أما عن  ( البهدلة ) التى تتحدث عنها فهى نفس مشاعر و أحاسيس ( البهدلة ) التى تعيشها فى حياتك العادية  لا فرق ، فخرج عن صمته و حدق فىّ قائلا كيف ؟!  ، قلت له مشاعر ( الغضب و الضيق و الحزن و الهم و القلق و الخوف ) كل هذه المشاعر السلبية التى قد تنتابك حين يضايقك أحد فى زحمة المواصلات أو تتأخر زوجتك فى إعداد الطعام أو  و أنت تنتظر ترقية أو نتيجة إمتحانات أو وفاة عزيز أو خسارة تجارة هي نفسها المشاعر و الأحاسيس التى قد تنتابك  فى السجن إن لم تستعن بالله .


فقال لى لم أفهم ما تقصده ؟! ، فقلت له يا صاحبى  ما أعنيه أن السجن لن يضيف لك المزيد من المشاعر و الأحاسيس السلبية نتيجة الحبس فهى نفسها المشاعر التى تشعر بها فى حياتك العادية ، بل على العكس إن فوّضت أمرك لله فسرعان ما تشعر براحة ما بعدها راحة  ، فنظر صاحبى إلى ّ مستغربا و قال لى منطقك غريب !! .


قلت له لا توجد غرابة و لكن هذا هو ما يعلمنا إياه الإسلام ، قد تخاف على عملك أو تجارتك أو حياتك  إذا وقفت إلى جانب الحق ، لكن حين تسمع حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ألا  لا يمنعنّ أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده ، فإنه  لا يقرب من أجلٍ ويباعد من رزق أن يقول بحق أو يذكّر بعظيم ))  (رواه الإمام أحمد ) ، عندها تشعر بطمأنينة فى قلبك و راحة فى صدرك و تعلم أن قول الحق ودفع الباطل لن يقدّم أجلك أو يمنعك الرزق  ، ثم ختمت كلامى معه  قائلا من أمثال هؤلاء الرجال الذين تلخّص مواقفهم كلامى هذا  كله ، المستشار حسن الهضيبى رحمه الله حين سئل عن  شعوره عندما حكم عليه بالإعدام؟

فأجاب : كأني أنتقل من غرفة الجلوس إلى غرفة النوم.

·  


الجمعة، ٢٣ أبريل ٢٠١٠

قصتى مع السرير !!


قصتى مع السرير !!

بقلم / د ممدوح المنير *


نشر فى : اخوان اون لاين ، نافذة مصر


الملاحظ أنه خلال الفترة الماضية ، إزداد حجم بطش النظام بمعارضيه ، مع توقع أن يستمر – البطش - خلال الفترة المقبلة أيضا ، كنتيجة للحراك السياسى الذى تمر به مصر حاليا و الذى يأتى بدوره فى لحظة فارقة  فى تاريخها الحديث .


ما أعنيه بالبطش هنا هو إزدياد القسوة الأمنية فى قمع المعارضة بكافة أشكالها فأصبح الضرب و السحل و هتك العرض و التعذيب من الأمور الإعتيادية الحاصلة فى التعامل مع المعارضة و تزداد هذه القسوة حين يكون المعارض محسوب على جماعة الإخوان المسلمين ، حينها تتضاعف حجم المعاناة الممارسة من قبل النظام تجاه من يقع تحت يدها منهم .


و إذا عددنا فقط  بعض الحوادث خلال الفترة الماضية للتدليل على هذا الطرح سرعان ما نجد أن الألفاظ التى إستخدمتها للتعبير عن حقيقة الوضع هى ( مهذبة ) و أن الوضع أسوء بكثير مما يحتمله اللفظ .


على سبيل المثال

1) اختطاف و تعذيب واعتداء جنسي بحق 11 طالب اخوان بكلية الهندسة بمنوف ، بتاريخ 30 / 3 / 2010 .


2) الإعتداء على بعض بنات و نساء الإخوان فى فى أكثر من مكان أثناء مداهمات و احتكاكات بالأجهزة الأمنية ، كان آخرها اعتداء  قائد حرس إحدى الكليات علي الطالبة الاخوانية بسمة محمود بعجر وتمزيق حجابها واحداث بعض الكدمات في يدها اليسري .


3) اشتباكات وضرب وتعذيب واعتقالات عشوائية  بالجملة للإخوان  أثناء هبّات نصرة الأقصى و فى يوم 6 إبريل الماضى (2010 ) لكافة الناشطين من جميع الإتجاهات .


4) اختطاف الطالب طارق محمد محمود خضر - كلية العلوم جامعة الإسكندرية -  من داخل كليته ظهر يوم السبت الموافق 27 -3 بواسطة الأمن بالكلية منذ نحو ثلاثة أسابيع و لم يظهر حتى الآن .


حين تقرأ هذه الحوادث و غيرها الكثير ، سرعان ما ينتابك شعور بالغضب أو الضيق من هذه الممارسات ، و قد ينتابك  و يسيطر عليك الخوف  من أن يحدث لك أو لشخص عزيز عليك ما  حدث لهؤلاء .


و الذى أريد أن أقوله هنا أن سياسة ( الخوف ) هى السياسة التى يحاول النظام فرضها على الجميع حتى يشعر المتابع لهذه الأخبار  بالفزع و الرعب و ينزوى أكثر على ذاته ، لذلك لعلى لا أكون مبالغا إذا قلت ، أن النظام قد يحرص أحيانا على ( نشر ) هذه الأخبار حتى يثبت مشاعر ( الرعب و الفزع ) لديك ، فتصاب بشلل فى التفكير و الحركة  ، و بهذا  يكون النظام قد نجح فى بسط سيطرته على العقول .

و حتى يستطيع المرأ أن يتجاوز و يقاوم هذا التأثير النفسى  السلبى المراد له ، فلا يوجد من علاج ناجع مثل حسن الصلة بالله :

أولا : لأنه علاج حقيقى و ناجع و مجرب مئة بالمائة و هناك آلاف الشواهد من الحياة التى تؤكد على هذا المعنى .


ثانيا : لأنه قادر على تحويل هذه المشاعر السلبية التى يراد فرضها عليك إلى مشاعر إيجابية مثل رفض هذه الممارسات و فضحها و العمل على إنهاء السياسات المسببة لها من خلال النضال السلمى المشروع بكافة أشكاله و ألوانه .


ثالثا :  لأنه قادر على قلب الكفة لصالحك ، لأنك بحسن صلتك بالله تكون قد إرتكنت إلى ركن شديد  فهو و حده النافع الضار و المعز و المذل فلا يصير فى ملك الله إلا ما يريده الله ، فالله يقول فى كتابه { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ } فالضار هو الله و ليس النظام أو الأمن فما هما إلا أدوات لتنفيذ قدر الله الغالب ، و لكنه لا يضرّك إلا لينفعك  فى الدنيا أو الآخرة ، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فى الحديث الصحيح لسيدنا عبدالله بن عباس و هو رديفه

(( احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك , إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله , واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك , وإن اجتمعواعلى أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ))  .

تحكى لنا السيرة النبوية مشهد من المشاهد الذى كثيرا ما يستدعيه المرأ من الذاكرة حين يشعر بقسوة الواقع من حوله ، ويزداد حجم بطش النظام بمعارضيه ، فى غزوة مؤته كما يروى ابن اسحاق ((  ولما أصيب القوم قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، فيما بلغني: " أخذ زيد بن حارثة الراية فقاتل بها حتى قتل شهيداً، ثم أخذها جعفر فقاتل  بها حتى قتل شهيداً " ؛ قال: ثم صمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى تغيرت وجوه الأنصار، وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهون، ثم قال: " ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيداً "؛ ثم قال: " لقد رفعوا إلىّ في الجنة، فيما يرى النائم، على سرر من ذهب، فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة ازوراراً- ميلا - عن سريري صاحبيه فقلت:

" عم هذا ؟ فقيل لي: مضيا وتردد عبد الله بعض التردد، ثم مضى )) .

 لقد تردد سيدنا عبدالله بن رواحه بضع لحظات ، تردد وهو فى الميدان و هو يحمل الراية ، لم يتردد و هو ينام على فراشه الوثير أو فى مسكنه الجميل أو  وسط تجارته و أبناءه ، لقد تردد فى الميدان و هو ينافح و يناضل فى سبيل رفعة الإسلام  و إقامة الحق و العدل و الحرية .


يالله  تردد لحظة ، فكان سريره فى الجنة مائلا لأسفل عن سرير صاحبيه الكريمين !! ، لم يشفع له كونه من الصحابة ، لم يشفع له أنه مقبل غير مدبر ، لم يشفع له أنه مات شهيدا فى سبيل الله ، نعم لقد دخل رضى الله عنه الجنة و فى أعلى درجاتها ، لكنه تردد لحظة من الزمن ، فكان الميل فى سريره ، فبقدر ترددك يكون ميل سريرك فى الجنة و كلما زاد التردد  زاد الميل .


أمامى وأمامك الخيار إما أن تحسم موقفك  و تختار أن تكون خانعا جبانا سلبيا ترضى بالدون و يملأ الخوف قلبك و عندها لا تهتم بمقدار ميل سريرك فى الجنة ، بل إحمل همّ إذا كنت ستدخل الجنة أم لا ، أو تختار طريق الأنبياء و أصحاب الدعوات و المصلحين فى كل عصر و مصر ، حينها  فقط سيحدوك الأمل فى أن يكون لك سرير فى الجنة و بقدر عزمك تكون درجة ميلك !! ، اللهم ارزقنا  العزيمة فى الأمر و نسألك الثبات  حتى الممات ،  قل آمين .


* كاتب و باحث



الجمعة، ١٦ أبريل ٢٠١٠

لا تقرأ هذا المقال !!





لا تقرأ هذا المقال !!

بقلم / د ممدوح المنير *


نشر فى :  نافذة مصر


إذا كنت تعانى من إرتفاع فى ضغط الدم أو الإكتئاب أو السكرى أو قرحة فى المعدة أو أى أمراض صدرية أو باطنية أو حتى جلدية، فلا تقرأ هذا المقال  !! .


إذا كنت عاطلا عن العمل ، أو أحد ضحايا العلاج على نفقة الدولة ، أو تنام يوميا بلا عشاء هذا إن وجدت الغداء !! فلا تقرأ هذا المقال .


هذا الكلام جد و ليس بالهزل ، لا تقرأه إذا كنت تعانى من هذه الأمراض أو الأعراض فالآثار الجانبية خطيرة و مريرة ، لذلك أحببت أن أخلى مسئوليتى أمام الله أولا و أمام ضميرى و الناس ثانيا !! .


ما الموضوع  إذا ؟!  ، الموضوع عزيزى القارىء ، أنّى لاحظت و أنا اتابع مثلك وسائل الإعلام ، أن حكومتنا الموقرة و نظامنا الرشيد ، لا يوجد مثيل له على و جه الأرض ، بل لعلى لا أكون متجاوزا إذا قلت عبر التاريخ الإنسانى كله كذلك  ، فى حجم تهم الفساد و الإستبداد الموجهة له ، إنه غير متهم بنهب أموالنا فحسب ، بل بمص دمائنا كذلك ، لا يمرضنا فقط بل يبيعنا كذلك جملة أو قطاعى فى سوق تجارة الأعضاء !! ، لا يفقرنا  فقط بل يميت جوعا ، قد يقول أحدكم على رسلك ، ما هذه السوداوية ؟! أقول لك البينة على من إدعى ، كيف ؟

ما شاهدته  أو قرأته فى الشهر المنصرم فى وسائل الإعلام من كشف لعمليات النهب و الفساد التى  تجرى فى مصر -لاحظ أننى قلت ما عرفته فى ( شهر واحد فقط )  لا غير -  إذا أمسكت بالآلة الحاسبة و جمعت و قسمت الأرقام -  و كلها من مصادر موثوقة  و معتبرة -  ثم قسمت الناتج على عدد السكان لوجدت أن النظام لو توقف عام واحد فقط  عن النهب و السرقة ، لوجدت أن الشعب المصرى بكامله لن يوجد بينه فقير أو عاطل أو عازب أو مريض بسبب الفساد ، لو أخذ النظام ( إستراحة ) من تبديد  أموالنا فى عام واحد لأصبح كافة المواطنين مثل أغلب سكان  دول الخليج فى المستوى المعيشى ( العمل الخاص ، السيارة الفارهة ،  المسكن الخاص ، الحساب البنكى ، و ربما تعدد الزوجات كذلك !! ) ،  أمّا لو إستيقظ ضمير النظام  – إذا كان عنده ضمير – فبإستطاعة مصر خلال سنوات معدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة أن تكون فى مصاف الدول العظمى أو فى الطريق إليها .


دعنى أقرأ عليك  ( بعض ) هذه الأرقام  بإختصار شديد  من مصادرها المعتبرة ، و أترك لك الحكم النهائى :

أولا ) أثناء مناقشة مجلس الشعب لموازنة العام الحالى أثار النائب الإخوانى أشرف بدر الدين  ، فضيحة أموال صناديق الخاصة التى لا يعرف عنها مجلس الشعب شيئا و لا تخضع لرقابته و قد بلغت العام الماضى تريليون ( ألف مليار ) و 272 مليارجنيه و عندما حاول  النائب حمدى حسن سؤال وزير المالية عن هذه الأموال أين ذهبت ؟! ، فقال له الوزير  حرفيا تحت قبة البرلمان  ( لن يرد عليك أحد.. إتكلم  براحتك !! ) .


ثانيا ) قدم الشهر الماضى النائب المهندس سعد الحسينى بلاغا للنائب العام حول  منح وزير الإسكان السابق إبراهيم سليمان لهشام طلعت مصطفى (33) مليون متر مربع مجانا  ( عقد مدينتى ) رغم أن قيمتها الحالية تقدر ب 56 مليار جنيه !! ، دون سند من قانون .


ثالثا ) ما أثاره الكاتب الكبير الأستاذ فهمى هويدى فى مقاله بصحيفة الشروق الشهر الماضى  المعنون ب (هل كانوا في كامل وعيهم؟) و يتحدث فيه عن إطلاعه على ( عقد تسوية )  قامت بها الحكومة مع أحد رجال الأعمال الهاربين و الذين نهبوا أموال البنوك -  تقريبا ثلاثة مليار جنيه  - و بعد مفاوضات كانت حكومتنا فيها ( متساهلة ) مع رجل الأعمال أسقطت  عنه نحو مليارين و نصف  من الجنيهات – فلوس أبوهم – ثم  طالبته فقط برد 138 مليون جنيه تسدد خلال ثلاثة أشهر من حصيلة عقارات مرهونة لدى البنك !! ،  ثم بضعة ملايين على عشر سنين بالتقسيط !! ، لاحظ أن عقد تسوية مع رجل أعمال واحد أسقطت الحكومة عنه أكثر من مليارين و نصف  جنيه ، فما بالك بباقى رجال الأعمال الهاربين و هم بالمئات !!


رابعا )  تشتري إسرائيل الغاز من مصر بسعر الوحدة يتراوح بين 75 سنتا ودولار وثلاثين سنتا، حين بدأ يصل إليها في أول مايو/ أيار 2008، في حين أن سعر السوق في ذلك الوقت كان 13 دولارا، الأمر الذي يعنى أننا نخسر في كل وحدة ما يقارب 11 دولارا (للعلم إسرائيل تحصل من مصر يوميا على 665 مليون وحدة و سعر السوق  حاليا  (١٥ دولارا) لكل وحدة !! .  نقلا عن مقال (المريب والعجيب في صفقة الغاز ) للأستاذ فهمى هويدى ، بمعنى آخر مصر تدعم إسرائيل فى صفقة الغاز   ب ( 55 ) مليار جنيه ( يوميا )  !!!!!!!   .


لم أتحدث عن تفاصيل ال 500 مليار جنيه قيمة الأراضى التى منحتها الحكومة لرجال الأعمال المحسوبين عليها بالمجان ، و لا عن تفاصيل الضرائب التى لم يدفعها رجال الأعمال و الصحف القومية  و التى تقدر قيمتها ب 60 مليار جنيه ، لم أتحدث عن عشرات الألوف من قضايا النهب و السرقة  و التى تحتاج إلى موسوعة و ليس إلى مقال لبيان تفاصيلها .


عندما تقوم بحساب مجمل الأموال المنهوبة أو المبددة  فى الأربع نماذج التى ذكرتها فقط ، ستعرف حينها لماذا حذرتك من قراءة هذا المقال !!ّ، و حين تعرف أن الإحصائيات الصادرة عن هيئة النيابة الإدارية (جهة تحقيق قضائية مع موظفي الدولة) و التى تؤكد فيها أن إجمالي عدد قضايا الفساد داخل أجهزة الحكومة التي وردت إليها عام 2005 فقط  - تضاعف العدد الآن - بلغت حوالي 72 ألفاً و593 قضية؛ منهم 10 آلاف و853 قضية تشكل جرائم جنائية أبرزها اختلاس المال العام أو الاستيلاء عليه والرشوة والتزوير، ثم تعكف على القيام ببعض العمليات الحسابية لحصر الأموال المنهوبة  – أتحداك إذا إستطعت حصرها -  عندها ستعرف حالتى النفسية و أنا أكتب هذا المقال !!! .


* كاتب و باحث

 

الأربعاء، ٧ أبريل ٢٠١٠

اعتقال سيدنا يوسف!!

اعتقال سيدنا يوسف!!



بقلم: د. ممدوح المنير



نشر فى : إخوان أون لاين ، نافذة مصر  ، بر مصر ، العرب نيوز



 

أصبحت عمليات الاعتقال التي تتم بحق كوادر وقيادات جماعة الإخوان المسلمين خاصة والمعارضة عامة في الفترة الحالية، محط أنظار وتتبع كافة المحللين، حول أسبابها وتداعياتها والهدف من ورائها، ورغم أهمية ذلك في توضيح الصورة، إلا أنه من الأهمية بمكان دراسة جذور هذه الظاهرة المستفحلة والتي أصبحت عاملاً رئيسيًّا في انهيار الأمن الاجتماعي وزيادة حالة الاحتقان لدى المجتمع فضلاً عن تشويه صورة مصر أمام العالم.

 

حين نتطلع إلى آيات سورة يوسف نجد الكثير من الإشارات المباشرة وغيرة المباشرة، والتي تتناول هذا الموضوع منها


 

أولاً: لم تذكر كلمة السجن في القرآن صراحة، وبأشكال مختلفة إلا في الحديث عن مصر تحديدًا! وعن علاقة النظام الحاكم بمعارضيه!! تأمل معي الآيات الكريمة من سورة يوسف ﴿وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾، وقوله تعالى ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾، وقوله ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)﴾، وقوله ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ﴾، وقوله ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)﴾، ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41)﴾، وقوله ﴿فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾، وقوله ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنْ السِّجْنِ


 

ثماني مرات في سورة واحدة تذكر فيها كلمة السجن مرتبطة بما يحدث في مصر!، وبما يحدث مع معارضي النظام الحاكم!!، الأعجب من ذلك أن المرة الأخرى الوحيدة التي ذكرت فيها الكلمة في القرآن في سورة الشعراء آية 29 كانت أيضًا بين الحاكم المستبد ومعارضيه في مصر أيضًا!!، تأمل الآية في الحوار الذي يجرى بين فرعون وسيدنا موسى ﴿قَالَ لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهًَا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنْ الْمَسْجُونِينَ (29)﴾ (الشعراء)، تهديد مباشر بالاعتقال لسيدنا موسى إن لم يخضع لأمر الفرعون!!، مما يدل على أن قمع المعارضة بالاعتقال والحبس هو أكثر الأمور تجذرًا في تاريخ العلاقة بين الحاكم ومعارضيه في مصر

!!.


 

هنا قد يعترض معترض بقوله، لكن الاعتقال يجري في كافة أنحاء العالم، وهذا الصحيح لا ريب، ولكن الواضح أنه لا توجد دولة في العالم تمارسه بهذه الكثافة والاستمرارية غير مصر، فنادرًا ما يسمع المرء في وسائل الإعلام عن عمليات اعتقال بشكل شبه يومي وبأعداد كبيرة غير في مصر، وهذا يجعل من الأهمية بمكان لكل معارض للنظام المصري أو مطالب بالإصلاح، أن يتهيأ نفسيًّا وإيمانيًّا لجعل السجن جزءًا من حياته، فنحن والحمد لله على كل حال، لدينا منذ أكثر من سبعة آلاف سنة سجونًا ومعتقلات!!.


 

ثانيًا: الحبس الاحتياطي كان واضحًا كذلك في (التهمة الملفقة) التي ادّعتها امرأة العزيز بحق سيدنا يوسف باتهامه بمحاولة الاعتداء عليها، لكن حين شهد شاهد من أهلها بناءً على تحقيق جنائي موضوعي ﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ (27)﴾ (يوسف)، تم إخلاء سبيله من أول عرض على جهة التحقيق (النيابة حاليًا)، وهذا هو الحاصل الآن مع آلاف المعتقلين من الإخوان أو غيرهم، تهم ملفقة، سرعان ما تنتهي بإخلاء السبيل من النيابة، لكن الملاحظ كذلك أن التحقيق قد حفظ!!، فامرأة العزيز قد ثبت بالتحقيق أنها هي التي حاولت تحريض سيدنا يوسف على ارتكاب الفاحشة وتأكد الجميع من ذلك، لكن حفظ التحقيق بناء على تعليمات عليا، حفاظًا على سمعة النظام الحاكم!!.


 

ثالثًا: عندما فشلت امرأة العزيز في حبسه بناءً على تحقيق نزيه، واستمرت مكائدها الشيطانية له، شعر النظام الحاكم بالخطر، فلجأ لإصدار أمر اعتقال له بعيدًا عن القضاء الذي أنصفه!!- كما يحدث الآن- اقرأ الآية الكريمة ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)﴾ (يوسف)، من الذين بدا (لهم)، إنه النظام الحاكم!!، ما الذي بدا له؟! أن يعتقلوه بدون تحقيق بعد أن برأ القضاء ساحته!!، ثم لاحظ معي (حتى حين) يعني اعتقالاً مفتوحًا، وليس لأمد معلوم!!، كما يحدث الآن كذلك!!.


 

والعجيب في الآية أن الاعتقال حدث عندما تحولت قضية سيدنا يوسف إلى قضية رأي عام- ﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ﴾ (يوسف: من الآية 30)- شغلت بعض شرائح المجتمع المصري واستهجن فعلتها ﴿إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (يوسف: من الآية 30)، مما قد يكون له تأثير على استقرار النظام، لذلك اعتقل الطرف الأضعف والمظلوم، لكنه المؤثر في الرأي العام، الذي يعمل له نظام الحكم ألف حساب وقتها والآن، لذلك الخطر الأحمر لدى النظام أن يتحول المعارض أو المصلح إلى شخصية جماهيرية ذات شعبية، عندها فقط يجن جنونه.


 

رابعًا: لاحظ معي كذلك قوله تعالى  ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ﴾ (يوسف: من الآية 36)، الإشارة الأولى في هذه الآية الكريمة تفيد أن اعتقال الشباب صغار السن كان أمرًا اعتياديًّا في ذلك الوقت- اعتقل العشرات من طلبة الجامعات في الفترة الماضية لنصرتهم المسجد الأقصى- كما تلاحظ أنه يفهم من الآية أنهم (دخلوا) السجن معًا، يعني كانت (ترحيلة) واحدة!! بمقاييس زماننا هذا، ثم أنهم حبسوا معًا، يعني لم يكن حبسًا انفراديًّا!!.


 

خامسًا: تأمل معي قوله تعالى ﴿قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا﴾ (يوسف: من الآية 37)، يعني كان يُصرف لهم طعام أو ما يطلق عليه في عرف السجون حاليًا (التعيين)!!.


 

سادسًا: ثم تأمل قوله تعالى ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ (يوسف: من الآية 42)، تفهم منها أن سيدنا يوسف قد شعر أنه قد نُسي في السجن، يعني اعتقلوه ثم نسوه كما يحدث اليوم لبعض المعتقلين!! ثم أنه لم يخرج من السجن- بعد أمر الله- إلا بدعم من أنصاره عندما ذكّر به الملك ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)﴾ (يوسف).


 

سابعًا: لو تتبعنا الموضوع في كتاب الله سرعان ما نجد أن منهج التعذيب واستعمال القسوة كان كذلك هو السمة الحاكمة في التعامل مع المعارضة اقرأ الآية ﴿قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)﴾ (طه).


 

هناك عشرات إن لم يكن المئات من الدروس والعبر التي حفلت بها السورة منها أن سيدنا يوسف ظل ثابتًا حتى النهاية على مبدئه ودعوته، فأخذ يدعو صاحبيه في السجن إلى الله، ورفض أن يخرج إلا بعد أن تبرأ ساحته، لكننا أخذنا منها فقط الإشارات القرآنية التي توصف بشكل دقيق الظروف الحالية التي يعيشها حاليًا المطالبون بالإصلاح في مصر، لكن أروع ما فيها أنها توضح لنا، أن هذا وحده هو طريق الأنبياء وأصحاب الدعوات، وأن العاقبة في النهاية للمتقين كما تقول الآية في نهاية القصة ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (يوسف: من الآية 90)، اللهم آمين.



الخميس، ١ أبريل ٢٠١٠

فى سبيل الله


فى سبيل الله  

نشر فى : إخوان أون لاين ، بر مصر ، نافذة مصر


بقلم / د ممدوح المنير



حين تتوالى عليك الأحداث الجسام ، و تذدحم أمامك عينيك مشاهد الظلم حين يطغى ، و الإستبداد حين يقوى و الخصومة حين تفجر ، و العدل حين يميل ، و يخذلك الصاحب و الأخ و الخليل ، قد يصيبك بعض المرار ، و تدمع عيناك ، و تغدو حزينا فى زمن الإنهيار ، ملتاعا فى عهد الإنكسار ، لكن إنتظر  توقف  ، إنها نقطة نظام .

هل جربت يوما أن تنظر لأعلى ؟! ، إلى ما فوق السحاب ، و فوق النجوم ، و فوق الفوق ذاته !! ، من تجد ؟! ، من ترى بعين قلبك  ونور بصريتك ؟! ، إنه الله  ، ما أروعها من كلمة  ، إنها الكلمة التى تلخص لك الكون كله .. الله ، نعم تلخص لك كل شىء!! ، فكر فى كل موقف  ، وفى كل حدث من الأحداث ، ألم أو أمل ، سعادة أم شقاء ، نور أم ظلام ، عدل أم ظلم ، حرية أم قيد ، نعم  هى الكلمة الوحيدة التى تعنى كل شىء و غيرها لاشىء !! .

قد يقول أحدكم على رسلك ، هل هذا مقال وعظىّ أم سياسى ؟! ، أقول لك بلا مبالغة إنه لون  من أصعب ألوان التحليل السياسىّ !!  ، فالتحليل السياسى يفكك كاتبه المشهد من جميع زواياه و يحلل كل جزء على حدة ، ثم يبدأ  فى إعادة تركيبه من جديد  طبقا لرؤيته ، هنا قد يقول آخر حنانيك لقد صعبت علينا الأمر و لم نفهم مرادك ، أقول لك دعنى أوضح رؤيتى ،  دعنا نفكك المشهد !! ثم نجمعه من جديد :

مشهد المجاهد المرابط فى البرد القارس ، فى عتمة الليل ، و هو يقاوم رغبة ملحة فى النوم اللذيذ و الفراش الوثير و الحضن الدافىء لماذا ؟!   إنه  الله !.

مشهد المرابطون فى باحات الأقصى و العدو يضربهم بالحديد و النار ، يمنعهم الطعام و الشراب ، يدافعون بصدورهم العارية ، و أحذيتم البالية !! عن الأقصى الأسير تمضى الساعات طويلة و لكنها خفيفة !! لماذا  ؟!     إنه الله .

مشهد المحاصرون فى غزة  و هم يقاسون ألم الجوع ، و شح الدواء ، و خيانة الأخ و الصديق ، يعلموننا درس الحياة ، تجوع الحرة و لا تأكل بثدييها !! ، و لأنهم أحرار فى سجنهم ، فقد عاشوا يتطلعون مثل شيخهم  ياسين إلى السماء ، يفضلون الأباتشى مثله !! ، ما الذى صنع هذا الإباء النبيل ؟!    إنه الله .

مشهد الأخ المجاهد  حين يمشى فى تظاهره دفاعا عن المقدسات و الأعراض و يقف أمامه جندى من جنود الفراعين ، يقطع عليه الطريق و تلتقى العينان و ينعقد الحاجبان و يستعد الجندى للضرب أو للإعتقال من الذى صنع هذا المشهد و هذا التحدى ؟!  إنه الله .

مشهد المجاهد حين يكون آمنا مطمئنا بين زوجه و أولاده فى عتمة الليل البهيم و قد سكن كل شىء ، يجد فجأة  من يقتحم عليه داره و ينتهك حرماته و يروع أطفاله ، و يسرق ماله !! ، فيساق المجاهد وسط دموعه أطفاله الذاهلة و صرخات زوجته المكلومة لماذا كل هذا ؟!!   إنه الله .

مشهد المجاهد الأسير فى سجون الظالمين أو المحتلين و هو يجلس فى زنزانة حقيرة لا تصلح إلا للعبيد ، ينام على الأرض و يلتحف السماء ، يأكل ما تجود به نفوس الظالمين التى هى بلا جود ، يعيش فى زنزانته و تعيش فيه !! ، ويمضى به الحال هكذا ايام و شهور و بضع سنين و ربما عشرات السنين !! لما كل هذا التعب و هذا العناء .. إنه الله .

مشهد المجاهد حين يصلبوه  و أسمى آيات العذاب يسوموه ، فترتفع آلامه فوق صرخاته و زبانية الجحيم من حول يتناوبون عليه  فى شماته لا تخلو من حقد و من قسوة لا تخلو من كراهية ، و هو صابر محتسب صامد ، يالله لما كل هذا العذاب ؟! .... إنه الله .

مشهد الأم و الزوجة و الأخت حين يغيب عنها فلذات أكبادها و أحبتها خلف الأسوار أو تحت تراب النضال ، فتعيش المعاناة فى داخلها أو تعيش هى فيها !! ، تعلم صغارها  أن الأسر ثأر ، و أن العار نار ، و أن النصر صبر ، و أن الذل إندثار ، ، لماذا كل هذا ؟!   إنه الله .

جمع أجزاء المشهد و أبحث عن الرابط المشترك  ، لن تجد أمامك إلا الله ، حين يكون هو الغاية و هو المنتهى ، عندها فقط يهون كل شىء ، تنمحى الأحداث و التفاصيل و تدرك أن المدبر و الفاعل الحقيقى هو الله ، حينها يتلذذ الجريح بجراحه ، و المعذب بآلامه ، و الجائع بجوعه ، عندها فقط يصبح الموت حياة !! ، و الزنزانة فلاة !! ، و الحصار إنتصار ، و الرباط إرتباط بأعظم ما فى الحياة .....    إنه الله .


blogger templates | Make Money Online