السبت، ٣١ يناير ٢٠٠٩

حماس و إدارة الصراع القادم

حماس و إدارة الصراع القادم
ورقة بحثية
بقلم / د . ممدوح المنير لا شك أن معركة حماس القادمة أصعب بكثير من حرب العدوان على غزة ، قد يختلف البعض معي في هذا الطرح و لكنّ المؤكد لدىّ على الأقلّ أنه لم يخطر بذهني لحظة واحدة أن يكون ما أعنيه هو التقليل من حجم الإنجاز الذي حصل في معركة الفرقان التي كانت ملحمة رائعة من الصمود و الشموخ . فأمام حماس جبهات كثيرة يجب عليها أن تخوض الحرب فيها ، منها على السبيل المثال : الإدارة الأمريكية الجديدة وسياستها الغير مبشّرة ، إسرائيل العدّو المتربص ، حلف الأطلنطي الوافد الجديد ، النظام المصري المعادى على طول الخط ، معركة إعمار غزة و حفاظ حماس على هيبتها كحكومة ، أبومازن و رجاله و عمالة على المكشوف ، هذه بعض التحديات التي يجب على حماس أن تتعامل معها و للأسف منطق الأولويات هنا يتضائل بشكل كبير بحيث يصبح على الحركة التعامل مع جلّ هذه الجبهات في وقت واحد وهذا مما يصعب المعركة و يجعل إدارة الصراع بالغة الصعوبة و لكنها بإذن الله ليست مستحيلة و ما دامت حماس قد دخلت المعركة وهى تأوي إلى ركن شديد ألا و هو الله ، فإنه ناصرها و مؤيدها بحوله وقوته ، و يبقى السؤال كيف تدير حماس هذه الملفات ؟. في البداية أفضل أن أقسم الجبهات التي يجب على حماس الخوض فيها إلى مجموعة من الدوائر حتى يسهل توصيل الفكرة ، هذه الدوائر هي دائرة ضغط و دائرة ثبات و دائرة احتضان ، وسوف نتناول في هذا المقال دائرة الضغط 1) دائرة الضغط : تشمل الدول و الجهات التي تضغط بالفعل على الحركة في المنظور القريب وهى الولايات المتحدة ، الإتحاد الأوربي ( حلف الأطلنطي ) ، إسرائيل ، مصر . اتجاه الضغط : تقوية أبومازن و إقصاء حماس ، منع تهريب الأسلحة للمقاومة بهدف القضاء عليها . إمكانية النجاح: ضعيفة، فأقصى ما يمكن فعله على الأرض هو إضعاف حماس و المقاومة و لكن إلغاءهما يستحيل عملياَ و ليس عاطفياَ، لأن حماس موقفها تعزز و تجزر أكثر بعد حرب العدوان على غزة . الولايات المتحدة: على حركة حماس التعاطي قدر المستطاع مع الإدارة الجديدة ، مع التأكيد المستمر بالقول و الأداء على أنّ أىّ فعل في الشأن الفلسطيني يتجاوز الحركة و حكومة غزة مصيره الفشل ، كما يجب أن ندرك أن الإدارة الجديدة من الصعب أن تتورط في حرب كالتي خاضتها إسرائيل مؤخراَ في القطاع و سوف يكون أقصى ما تطمح إليه الإدارة الأمريكية هو التوصل لهدنة طويلة مشروطة بين الجانبين مع إعاقة تهريب السلاح ، ما أريد أن أؤكد عليه هنا أن حماس في مواجهة الولايات المتحدة في موقف قوة و ليس ضعف ، فأوراق الضغط المتاحة لدى أمريكا و حلفائها فشلت جميعها في إخضاع حماس أو تركيع الشعب الفلسطيني فلا القوة العسكرية نجحت و لا تجاوز الحركة نجح و لا الاعتماد على المفاوضات العبثية نجح ، هنا لا يصبح أمام الإدارة الأمريكية سوى التفاوض و التحاور مع حماس عاجلاَ أم آجلاَ ، و بطبيعة الحال لا بد أن تحوى أجندة المفاوضات جديداَ يمكن لحماس الاهتمام به ، تبقى ورقة أخيرة قد تراهن عليها الإدارة الأمريكية في إقصاء حماس ، ألا و هي الانقلاب الشعبي عليها بإحداث فتن داخلية بين الشعب الفلسطيني و هذه الورقة الوحيدة في إعتقادى التي ستلعب بها أمريكا و إسرائيل و بالقدر التي تعزز به الحركة مواقفها أمام الشعب الفلسطيني بقدر ما يفشل هذا المخطط ومعركة الإعمار سوف تكون ساحة هذه الحرب المرتقبة. أوربا : لن تقدم على أداء شيء دون إذن مسبق من الولايات المتحدة و سوف تظل أوربا و من ورائها حلف الأطلنطي تتحرك في خانة البحث عن دور و لكنها لن تتعدى علاقة التابع بالمتبوع ( أمريكا ) لذلك يجب ألا نعوّل كثيراَ على التحركات الأوربية فلن تضيف جديداَ يخشى منه . مصر : اعتقد أن الموقف المصري لن يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام إلا بالقدر الذي سوف تسمح به الإدارة الأمريكية بينما هو - النظام المصرى - ( ذاتيا ) َ مستعد للتراجع ( خطوات ) إلى الوراء دون إذن من أحد !! ، و السبب كما هو معروف أن الموقف المصري لا يتحرك وفق حسابات أمن قومي أو حتى حسابات مصالح النظام الحاكم وإن كانت لها أهميتها لديه و لكن وفق مزاج شخصي للقيادة المصرية و التي تكره بإخلاص الإطار الفكري لحركة حماس و تتقاطع معه نفسياَ بالكلية ، مما يعنى أن التفاهم أو النقاش لن يجدي في الحوار مع القاهرة ، اللهم إذا ما تغير المزاج الشخصي للقيادة و هذا من رابع المستحيلات تقريباَ ، هنا لا يصبح أمام الحركة سوى السير بقاعدة ما لا يدرك كله لا يترك كله ، مما يقتضى بشكل آخر استمرار الحوار و التفاهم و ما إلى ذلك مع عدم التعويل عليها نهائياَ ، إلا إذا كان الهدف هو عدم زيادة العداء و لكن تثبيته عند حد معين !!! ، مع إعطاء النظام المصري الشعور بالإنجاز و ذلك عن الطريق النزول على رأيه في المواقف التكتيكية التي يمكن بالطبع التنازل فيها ، اعتقد أن هذا أقصى ما يمكن التوصل إليه فى التعامل مع النظام المصرى . هذه هى دائرة الضغط التى تتعرض لها الحركة حالياَ و لا أزعم أنّ هذا كل ما يمكن أن يقال أو يفعل و لكنها تبقى محاولة فى حاجة لمزيد من الإثراء و العمق و قابلة للنقاش حذفاَ و إضافة و سوف نستعرض فى المقالات القادمة بإذن الله دائرتا الإحتضان و الثبات. دائرة الإحتضان يعنى بها الدول التى تحتضن المقاومة و مشروعها و تتبنى مواقفها ، و كلمة الإحتضان كما هو واضح من معنى الكلمة يقصد بها الشعور المادى و المعنوى بالرعاية للمقاومة و مواقفها و لكن كما هو واضح للمتابع للشأن الفلسطينى أن الدول التى تحتضن المقاومة ليست على مستوى واحد من درجة التبنى و الدفاع عن القضية الفلسطينية فبعض هذه الدول ينفذ أجندة شخصية فى المقام الأول و البعض الآخر يحتضن المقاومة بالفعل و لكنه عند أول عاصفة لا يمكن الإعتماد عليه و تصبح مسوغات السلامة لديه أهم بكثير من التعويل على المقاومة او الدفاع عنها ، بينما نجد دول أخرى تتبنى مواقف داعمة للمقاومة على طول الخط مثل تركيا ، لذلك أرى أنه يجب التركيز فى المقام الأول على الدول التى تمثل موقف الإحتضان المنهجى الذى بلا حسابات أخرى و حتى إن وجدت حسابات أخرى – إيران مثلاَ – إلا أنها تتحرك و فى مقدمة حساباتها المقاومة و دعمها و من ألطاف الله أن معظم الدول الداعمه للمقاومة هى دول قوية إستراتيجياَ مثل إيران و تركيا أو إعلامياَ و مادياَ كقطر ، لذلك من المهم أن يتم الإستفاده القصوى من أوجه هذه القوى و لا نحمل أى من هذه الدول أوجه من القوى قد لا يحتملها فنخسره بالكلية ، بمعنى آخر يكفى دولة كقطر دعمها الإعلامى و لا نطالبها بأكثر من ذلك ا بل إنى أعتقد أنها لو تملك قدره على الفعل تتجاوز الجهد الإعلامى – الجزيرة – فهى غير مطالب به – مرحلياَ – حتى لا تتعرض لضغوط قد لا تحتملها ، عند توزيع المجهود المقاوم على نحو ما بينت – بقدر الإحتمال - سوف تكون المحصلة بإذن الله الدفع بقدرة المقاومة إلى رحاب أوسع و ضمان إستمرار الإحتضان لها ، و من المهم بمكان ألاّ تتوقف الحركة عن الإشادة الدائمة بكل موقف داعم من قبل هذه الدول ، و هذا بالطبع ليس من باب شكر المحسن فقط و لكن لأنّك تخلق لهذه الدول و قياداتها موقف أدبى رفيع يصبح التنازل عنه مكلفاَ أمام شعوبهم . دائرة الثبات : المقصود الجهات التى تتبنى فكر المقاومة كأحد أركان منهجها أو الجهات و المنظمات التى تتبنى مواقف تتسم بالحيادية فى التعامل مع الأبعاد الإنسانية و الحقوقية للأزمات المختلفة ، قد يكون ما أعنيه هنا حركة إسلامية كالإخوان المسلمين ، أو منظمة حقوقية تتبنى الدفاع عن حقوق الإنسان المهدرة فى قطاع غزة و باقى الأراضى الفلسطينية المحتلة ، قد تكون جهة إعلامية تتبنى و تتعاطف مع الأحداث ، بل قد تكون ناشطين أجانب مدافعين عن الحق الفلسطينى و كل هذه النماذج يقع عبأ التعامل معها فى المقام الأول على المتعاطفين مع الحركة من كتاب و مثقفين و شعوب ، أعلم بداهة ان الحركة لا بد لها من التواصل معهم و لكنى أرى أن النصيب الأكبر يقع علينا لأنه واجبنا أولاَ و ثانياَ حتى نرفع عن كاهل حماس بعض العبء و ثالثاَ لتشعر تلك الجهات أن مساحة التأييد و الدعم للمقاومة و منهجها لا يقتصر على جهة بعينها أو شعب من الشعوب أو طائفة من الطوائف بل هو فكر تتبناه أغلبية الشعوب و الهيئات المحترمة حول العالم ، لذلك أتمنى على الجميع ألا يدّخر وسعاَ فى مخاطبة هذه الجهات و توضيح الصورة و أن يستخدم الأسلوب الذى يتوافق و يتلائم مع كل جهة حتى يعود الحق لأهله و هو عائد بإذن الله رغم أنف الحاقدين و الماكرين و المجرمين .

0 Comments:

blogger templates | Make Money Online