الخميس، ١٥ يناير ٢٠٠٩

القمة العربية القادمة فرصة لن تتكرر

نشر فى : المركز الفلسطينى للإعلام

إخوان أون لاين

بقلم: د. ممدوح المنير

انعقاد القمة العربية القادمة في هذا التوقيت وفي هذه الأجواء يجعلنا نوقن بأن العرب أمام فرصة تاريخية من الصعب أن تتكرر إذا لم يحسنوا استغلالها ويتجاوزا خلافاتهم ويسموا بأنفسهم إلى مستوى الحدث الجلل ويثبتوا لشعوبهم أنهم ما زالوا أحياء وأن ما تجرى في عروقهم دماء وليس ماء وإذا سألتني عن السبب في كونها فرصة لن تتكرر، أقول لك لعدة أسباب:

أولاها: تأتي القمة في نهاية عهد بوش وقبل تنصيب أوباما رئيسًا بأربعة أيام مما يعني أن بوش وفريقه الآن يلملم حقائبه ويخلي مكاتبه للقادم الجديد وبالتالي الضغوط الأمريكية على الأنظمة العربية تكاد تكون صفرًا، مما يعني تحرر الزعماء العرب من الضغوط الهائلة وإن كانت غير مبررة التي تقوم بها إدارة بوش غير المأسوف عليها.

ثانيًا: كذلك القمة فرصة لا تعوض لتوصيل رسالة لأوباما أن قواعد اللعبة قد تغيرت وأن العرب أصبحوا فاعلين وليس مفعولاً بهم فقط.

ثالثًا: لن يوجد حدث يستدعي أقصى درجات المسئولية الأخلاقية والدينية والوطنية والإنسانية والقانونية مثل ما يحدث الآن في غزة وبالتالي يصبح الخطأ في هذه الحالة خطيئةً لا تغتفر وتصبح الصغيرة كبيرة ويصبح الذل عارًا لا يمحوه التاريخ ولو بألف قمة ويغضب رب السماء قبل أن يغضب أهل الأرض وسيجعل من القمة شهادة وفاة بكل ما تعنيه الكلمة للنظام العربي الرسمي.

رابعًا: إن وقائع المعركة الدائرة حاليًا في غزة والصمود المذهل للمقاومة رغم قلة إمكانياتها وفشل الصهاينة الذريع حتى الآن في تحقيق أي من أهدافها رغم العتاد العسكري الهائل الذي تملكه واستخدامها لكل أسلحتها الخفيفة والثقيلة حتى الأسلحة المحرمة دوليًّا، كل هذا من المفروض أن يجعل الأيادي المرتعشة والخائفة من القادة العرب تستعيد رباطة جأشها وتستلهم الدروس من روعة الإنجاز وملحمة الصمود ويجعل القادة العرب يدركون أن "إسرائيل" ليست الوحش الذي يعتقدونه وأن القليل من السلاح والكثير من الإيمان كافٍ لدحرهم والقضاء عليهم.

خامسًا: تنعقد القمة ومن خلفها رأي عام لا أقول عربيًّا وإسلاميًّا فقط ولكنه رأي عام عالمي من كافة أقاصي الأرض داعم لأهل غزة وساخط على الصهاينة، فالمظاهرات لا تتوقف في كافة أنحاء العالم وبشكل يومي تطالب بوقف المجزرة ومعاقبة العدو الصهيوني، هذا الرأي العام الضاغط يحتاج من قادة القمة العربية أن يرتفعوا إلى مستوى الطموح أو على الأقل يقتربوا منه، بل إني لا أبالغ إن قلت إن الشعوب العربية ستغفر الكثير لحكامها من الظلم والفساد والاستبداد إذا ما كانوا فقط على قدر المسئولية تجاه ما يحدث في غزة.

سادسًا: يأتي انعقاد القمة بعد دخول لاعب جديد وقوي- تركيا- يملك الكثير من أسباب القوة والاحترام، فمواقف تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان تستحق الكثير من الاحترام والإجلال ويحتاج من القادة العرب الكثير من الوعي للاستغلال هذه الفرصة والتعاون مع هذا القادم الكبير وخصوصًا أن بيننا وبينه الكثير من أواصر الدين والتاريخ، كما أن تركيا نفسها هي التي تتجه نحونا وتمد لنا جسور التفاهم والتعاون وأي عاقل لا يمكنه أن يضيع هذه الفرصة التاريخية.

سابعًا: تنعقد القمة كذلك بعد دخول محكمة العدل الدولية حيز العمل وإمكانية محاكمة مجرمي الصهاينة جنائيًّا وملاحقة قادتها كمجرمي حرب على جرائمهم البشعة واستخدامهم للأسلحة المحرمة دوليًّا كل هذا بلا حياء أو خوف وفي بث مباشر على شاشات التلفزة!! وكل هذه الجرائم موثقة بالصوت والصورة لدى منظمات حقوق الإنسان المختلفة.

ثامنًا: القمة الحالية تنعقد وسط غياب دول عربية توصف بالكبيرة- منها مصر والسعودية- رفضوا المشاركة في القمة وقللوا من جدواها، كل هذا يفرض على قادة القمة أن يثبتوا لقادة هذه الدول أن القمة على مستوى الحدث في القرار والفعل على الأرض وأن كبر الدولة يقاس بحجم الدور والتأثير وليس بعدد الأمتار والكيلو مترات أما إذا ما فشلت القمة فستنطلق ألسنة الشامتين والساخرين الذين سيتحدثون عن حكمتهم وبعد نظرهم!!.

أخيرًا: القمة العربية سوف تكون الفرصة الأخيرة للقادة العرب لكي ينتشلوا أنفسهم من صفحات التاريخ السوداء بعد أن اختار بعضهم طواعية ألا يكتفي بالصفحات السوداء بل اختار كذلك أن يقف في مقدمة مزابل التاريخ.

0 Comments:

blogger templates | Make Money Online