الخميس، ٦ مايو ٢٠١٠

مصر و إسرائيل الحب الحرام !!


مصر و إسرائيل الحب الحرام !!


بقلم / د ممدوح المنير *


نشر فى : اخوان أون لاين ، نافذة مصر ، بر مصر ، الشعب


حين تتأمل ما يحدث بين النظام المصري و إسرائيل في الآونة الأخيرة ، سرعان ما ينتابك قدر كبير من الدهشة التي تبعث على المرار ، و التعجب الذي يدعو للريبة ، و الشك الذي يملأ نفسك بسىّء الظن .

 إننا أمام حالة  ( حب ) مصري تجاه إسرائيل ، و العجيب أنه حب من طرف واحد !! ، و كأن مصر قد رفعت شعار

( ما محبة إلا بعد عداوة ) أو  أنه تطبيق في غير موضع للآية الكريمة التي تقول  ( فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم ) فصلت من الآية 34!! .

تأمل معي هذه الجملة من المواقف المتتالية والتى حدثت خلال فترة قصيرة من الزمن لتعرف الحال الذي وصلنا إليه:


1)    الرئيس المصري هنأ الحكومة الإسرائيلية و الشعب الإسرائيلي  بذكرى ( استقلال دولة إسرائيل !! ) و التي هي ذكرى نكبة فلسطين في 48  !! .

 

2)    الحكومة المصرية تفرج عن متسللين إسرائيليين إلى أرض سيناء بعضهم مسلح و تعيدهم إلى إسرائيل آمنين سالمين دون محاكمة ، في حين أنها حكمت – عسكريا - بالسجن على مصريين تسللوا إلى قطاع غزة  للتضامن مع أهل القطاع ( الأستاذ مجدي حسين الأمين العام لحزب العمل المصري نموذجا ).

 

3)    اتفاقية الغاز التي تمد بموجبها مصر إسرائيل بالغاز المصري بأقل من السعر العالمي بنحو عشرة أضعاف على الأقل و تخسر مصر يوميا يسبب ذلك 55 مليار جنيه من أجل عيون إسرائيل ، في حين أن حرب أنابيب الغاز تشتعل في مصر ،  بل سقط أول قتيل مصري من أجل أنبوبة الغاز !! .

 

 

4)    دعم مصر لموقف إسرائيل الذي يقضى بالدخول في مفاوضات غير مباشر مع السلطة الفلسطينية  دون

وقف الاستيطان و دون شروط مسبقة  !! ، رغم الفشل الذريع لعشرات المفاوضات المباشرة   .

 

5  ) الأحكام القاسية التي صدرت بحق المتهمين فيما عرف ( بخلية حزب الله ) و التي كانت مجمل أهدافهم  هي دعم الشعب الفلسطيني ، و قال حينها المحللون أن الخلية قد تكون أخطأت

( قانونيا ) بالعمل بغير غطاء شرعي في مصر و لكنها أحسنت ( سياسيا ) في دعمها للشعب الفلسطيني  الذي هو واجب الجميع .

 

6 ) زيارة نتنياهو الأخيرة للقاهرة بعد تعافى الرئيس المصري من وعكته الصحية  و التي قالت الصحف العبرية بأن  ( الترحيب ) المصري بالزيارة  كان ( رائعا  !!) ، في  حين تتلكأ  مصر في استضافة الرئيس السوري الذي أراد أن يزور الرئيس مبارك لتهنئته بسلامته  .

 

7 ) بناء الجدار الفولاذي على الحدود مع قطاع غزة للمساهمة في خنق كلى  للقطاع المحاصر ، مع تسميم الأنفاق لقتل العاملين بها ، كما حدث مؤخرا و قتل أربعة أشخاص بالغاز السام داخل أحد الأنفاق ، مما يصب في النهاية في صالح إسرائيل .

 

8 ) ترميم المعبد اليهودي – موسى بن ميمون - في القاهرة على نفقة الحكومة المصرية  ( 2 مليون دولار ) رغم عدم وجود يهود  مصريين ، و رغم أن الآثار الإسلامية تتهاوى بفعل الإهمال المتعمد !! من جانب الحكومة .

 

      لك أن تتخيل أن هذا هو الشق المعلن من المواقف ، أما الشق الغاطس الذي قد لا يعلمه الكثيرين فحدث و لا حرج ، مما يجعلنا نطرح تساؤلا مشروعا عن سبب هذه العلاقة العجيبة  المريبة بين النظام المصري و إسرائيل ، و التي تجاوزت كل حدود اللياقة و القيافة المطلوبة و خاصة أن مخزون الكراهية لإسرائيل لا يزال مرتفعا بين أبناء الشعب المصري و العربي ، ليس هذا فحسب بل قيام إسرائيل بأدوار مشبوهة في تحجيم الدور المصري على الصعيدي العربي و الدولي و تهديد الأمن القومي المصري مباشرة و دورها فى منابع النيل ليس منّا ببعيد  .

 

حين تبحث عن السبب ، قد يتبادر إلى ذهنك أن ترتيبات و طموحات رجال  السلطة في مصر و ما يلزمهم من تثبيت أركانهم من دعم أمريكي أوربي لا يتأتى إلا برضا إسرائيلي قد يكون السبب وراء هذا الانكفاء المصري تجاهل إسرائيل و هذا سبب له وجاهته بكل تأكيد .

أو قد يقول قائل إنها توابع  اتفاقية كامب ديفيد و شروطها المعلنة و السرية  وحتمية إلتزام مصر ببنودها ، لكنى أعتقد أن هذا أو ذلك لم يكن السبب المباشر فى هذا التحول المذهل فى العلاقة مع إسرائيل لدى النظام الحاكم من العدو اللدود إلى الصاحب الودود  ، فى عملية إنقلاب على حقائق الواقع و التاريخ  و المستقبل .

 

لكن فى إعتقادى أن السبب الحقيقى فيما  يحدث هو نظرة مصر لنفسها أو قل إن شئت الدقة نظرة النظام المصري لمصر و طبيعة دورها ، ففي عهد عبد الناصر رغم كافة مثالبه إلا أن نظرته لمصر و مكانتها و دورها كان مرتفعا فارتفعت مصر إلى مستوى الأحداث و كانت حركتها و سكونها محط اهتمام العالم أجمع ، لكن حين انتقلت القيادة للسادات و أنشغل في بداية عهده بالتخلص من موروث سابقه على مستوى الأفكار و الشخوص .

بدأ حينها الدور المصري فى التراجع حتى قال السادات جملتيه الشهيرتين  الأولى (  أن 99 % من أوراق اللعبة فى يد أمريكا ) و الثانية أن (  حرب أكتوبر هى آخر الحروب ) ، و ترجمت هذه الفكرة الساداتية إلى واقع و سلوك و منهاج و انتقلت مصر من مقام الندية و الاستعلاء  فى علاقتها بالغير إلى مقام التبعية و الانزواء ، و اصبحت هاتين العبارتين هما الدستور الغير مكتوب للسياسية و الإستراتيجية المصرية والتزم النظام المصرى بعد السادات بتطبيقهما بإخلاص منقطع النظير  ، فتم ترجمتهما إلى سياسات و آليات ظلت تخصم من رصيد مصر الداخلى و الخارجى ، حتى أصبح النظام المصرى يستمرأ السقوط  و فى كل مرة يتنازل فيها كان يصعب عليه العودة إلى المربع الأول حتى خرج تماما من معادلة القوة و أصبح جزءا من معادلة الضعف لا لمصر و حدها و إنما كذلك للعالم العربى و الإسلامى    .

* كاتب و باحث

 

 


0 Comments:

blogger templates | Make Money Online