السبت، ١٥ مايو ٢٠١٠

ما الذي خسرته مصر و العالم بتطبيق قانون الطوارئ ؟ 1 !



ما الذي خسرته مصر و العالم بتطبيق قانون الطوارئ ؟! ( 1- 2 )

 

بقلم / د ممدوح المنير *

 

 نشر فى : صحيفة الشعب ، بر مصر ، جبهة إنقاذ مصر ، نافذة مصر



تكاد تكون مصر هي الدولة الوحيدة عبر التاريخ الإنساني التي جعلت شعبها و مؤسساتها تعيش حالة ( طوارئ ) لأكثر من ثلاثين عاما منذ  تولي د. صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب المصري  رئاسة الجمهورية مؤقتا بعد إغتيال السادات فى السادس من أكتوبر  عام 1981، وحتى بعد انتقال السلطة للرئيس مبارك و استقرار الأوضاع لم تبادر الحكومة بإلغاء حالة الطوارئ .

رغم أنه من المعروف أن حالة الطوارئ لا تفرض إلا في حالة إعلان الحرب أو كارثة طبيعية مدمرة أو وباء مهلك و في هذه الاحتمالات الثلاثة ، تطبق حالة الطوارئ لتعذّر قيام مؤسسات الدولة المختلفة بأداء دورها الطبيعي دون التعرض للهلاك ، كما يتعذر تطبيق القانون الطبيعى لعدم وجود الآليات و الوسائل اللازمة لتطبيق القانون وقت الحرب أو الكارثة الطبيعة كالزلازل المدمرة و نحوها .

 

 

عندها فقط تفرض حالة الطوارىء و لمدة قصيرة جدا !! و فى بعض الدول لا تزيد عن أسبوع أو عدة أيام  !! ، و لا تجدد نهائيا إلا فى أضيق نطاق و تحت رقابة  قوية من الشعب  و لأيام معدودة وبمبررات مقبولة ، هذا ما يحدث فى الغالبية الساحقة من الدول العالم ! ، بل إن هناك دول تحدث فيها مبررات إعلان الطوارىء التى تحدثنا عنها سابقا و يرفض البرلمان إعلان حالة الطوارىء و لو ليوم واحد !! .

 

ففي فرنسا التي تعرضت لمظاهرات ضخمة لم يقبل الشعب الفرنسي استمرار الطوارىء أكثر من 12 يوما وعادت بعدها القوانين الطبيعية للأداء و ظيفتها ، و فى اليونان لم تستطع الحكومة اليونانية فرض حالة الطوارىء أكثر من شهر على الشعب اليوناني الذى خرج للتظاهر بعد مقتل أحد الشباب على يد شرطى ، وفي الهند سقطت حكومة السيدة أنديرا غاندي عام 1961 لفرضها حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر فقط !! ، وحتى في الولايات المتحدة وإنجلترا وأسبانيا رغم تعرضها لحوادث إرهابية لم تتمكن حكوماتها من إعلان حالة الطواريء لأكثر من بضعة أشهر .

 

هذا ما يحدث فى كل دول العالم تقريبا سواء كانت متقدمة أو متخلفة ، دول عالم أوّل  أو ثانى أو ثالث ، فقيرة أم غنية ، أمّا فى مصر فتكاد تكون الدولة الوحيدة التى تفرض ( حالة ) الطوارىء دون أى مبرر منطقى مقبول ، اللهم إلا تثبيت أركان نظام منتهى الصلاحية منذ فترة طويلة و يدرك جيدا أنه لا يستطيع أن يبقى فى الحكم لساعة واحدة دون طوارىء .

 

 هذا القانون يعطى للرئيس و النظام صلاحيات هائلة ، تلغى عمليا الدستور المصرى بكامله !! ، كما أنه يجعل من الوطن سجن كبير و يكفى أن تتطلع على جزء من نص القانون لتعرف لماذا تتشبس به الحكومة و النظام طيلة ثلاثين عاما ، تقول بعض نصوص القانون فى مادته الثالثة " لرئيس الجمهورية متى أُعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو (  شفوي !! ) التدابير الآتيــة : وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وكذلك ( تكليف ( أي شخص!! )  بتأدية ( أي عمل من الأعمال  !!!!!! )  ..." و ( الاستيلاء !!! )  على أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات وكذلك تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة والتي تستحق على ما تستولى عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة" .

 

تأمل معى هذه العبارات التى وردت فى الفقرة السابقة

* أن يتخذ بأمر ..  ( شفوى ) بمعنى أن يصدر ما يشاء من قرارت  قد تحدد مصير  الشعب بتحريك لسانه فقط !!  ، و فى نفس الوقت لا يستطيع أحد أن يحاسبه عليها  لأنه غير مكتوبة و غير موثقة !! .

 

·        وضع ( قيود ) على ( حرية ) الأشخاص فى ماذا ؟! (الإجتماع ،  الإنتقال ، الإقامة ، المرور ) يعنى لا تجلس فى بيتك إلا برضاه ! و لا تتحرك خارج بيتك إلا برضاه ! و لا تجلس مع أحد إلا برضاه ! ،و لا تسير فى طريق إلا برضاه ! .

 

·        القبض على ( المشتبه به أو الخطرين على الأمن العام و ( النظام العام !! )  ) من الذى يحدد أن هذا الشخص خطر أو مشتبه به ؟! ، لا أحد سوى رجال النظام .

 

·        تفتيش الأشخاص و الأماكن ( دون التقيد بأحكام القانون ) يعنى حرمات البيوت و الأعراض و المؤسسات  منتهكة فى أى وقت و بدون موافقة النيابة فقط طبقا لمزاج رجال النظام .

 

·        تكليف ( أى شخص ) بتأدية ( أى عمل ) !!!! ، لاحظ مع ( أىّ )  التى فى العبارة ، يعنى يستطيع تكليف أى إنسان ،  متعلم أو غير متعلم ، نصاب أم شريف ، مؤهل أم غير مؤهل  ، مستحق أو غير مستحق ، أى أحد بلا قانون أو أعراف مجرد ( رغبته ) فى ذلك هى وحدها قانون ، ثم لاحظ بقية الكارثة ( أى عمل ) لم يقل النص ( أى عمل لا يخالف القانون ) ، لكن ( أى عمل ) و فقط  سواء كان مشروع أو غير مشروع ، حلال أم حرام ، صواب أو خطأ ، لا فرق فهو يستطيع تكليف أى شخص بأى عمل !!!! .

 

·        ( الإستيلاء ) على  ( أى)  منقول أو عقار !! ، السرقة بقوة القانون يعنى لو حضرتك الصبح إستيقظت من النوم و وجدت من ينقول لك هذا البيت لم يعد بيتك ، فلا تتعجب إنها إرادة قانون الطوارىء ، و إذا كنت تركب سيارتك و و جدت  من يوقفك و يستولى عليها من الحكومة ، فلا تتعجب و تصدم  فقانون الطوارى ء يعطى الحق للنظام بسرقة بيتك أو أموالك أو ممتلكاتك بالأمر المباشر ودون رجوع للقضاء أو أى شىء !! .

 

لاحظ معى أنى نقلت لك الكوارث التى فى فقرة واحدة من القانون و لم أتحدث عن بقية الكوارث و المصائب فى باقى الفقرات .

فى المقال القادم بإذن الله نكمل الحديث عن الآثار المترتبة عن تطبيق قانون الطوارىء لا فى مصر وحدها و لكن على العالم العربى و الإسلامى كذلك  !!  .

 

* كاتب و باحث


0 Comments:

blogger templates | Make Money Online