السبت، ٣١ أكتوبر ٢٠٠٩

هل إشاعة إستقالة المرشد تحسب للإخوان أم عليهم ؟

هل إشاعة إستقالة المرشد تحسب للإخوان أم عليهم ؟
نشر فى : صحيفة بر مصر بقلم / د. ممدوح المنير فى الحقيقة لا أخفى عليكم أننى أصبت بالدهشة عندما شاهدت تصريحات النائب الأول للإخوان المسلمين الدكتور محمد حبيب على قناة الجزيرة و أدركت حينها أننا أمام كرة من الثلج التى بدأت فى التحرك آخذة فى الإتساع و الإزدياد مع تسخين وسائل الإعلام للحدث . لكن التساؤل الذى يطرح نفسه حاليا أين الحقيقة و من المستفيد مما يحدث ؟! بالطبع نحن أمامنا عدة حقائق لا يستطيع أحد أن ينكرها أو يتعامى عنها و إلا أصبحنا نحيد عن الموضوعية المطلوبة فى طرحنا هذا ، من أهم هذه الحقائق : أولا ) تصريحات النائب الأول للإخوان لقناة الجزيرة و التى تحدث فيها حول تفويض المرشد العام للإخوان له بالعديد من صلاحياته و التى أرجعها لسببين : أولاهما : أن المرشد العام يريد أن يتخفف من الأعباء خاصة أنه قاب قوسين أو أدنى من إنتهاء فترة ولايته مطلع العام المقبل نزولا على رغبته . ثانيا : و جود أزمة بين المرشد العام و أعضاء مكتب الإرشاد على تطبيق أحد اللوائح الأساسية للجماعة حول تصعيد أحد أعضاء مجلس الشورى العام إلى عضوية مكتب الإرشاد بعد خلو مقعد الأستاذ محمد هلال رحمه الله . و المعنى هنا بالعضوية الدكتور عصام العريان حيث يرغب المرشد فى تصعيده للعضوية ، فى حين إنحاز أعضاء المكتب بالإجماع للتفسير الذى إرتؤه من عدم جواز تصعيد أحد إلى عضوية المكتب إلى بعد إنتخاب مجلس شورى العام للجماعة له ، هذا ما تم إذاعته بإختصار و دون خوض فى تفاصيل لن تفيد كثيرا من و جهة نظرى . ثانيا ) نفى المرشد العام و مكتب الإرشاد نبأ إستقالة المرشد جملة و تفصيلا ، ودارت مجمل الأحاديث حول تفويض الدكتور حبيب نائبه الأول بمعظم صلاحياته مع التأكيد على وجود المرشد العام على رأس الجماعة يدير عمله بالتعاون مع باقى أعضاء المكتب . هذه هى أهم الأمور التى نستطيع أن نسميها حقائق لا تقبل التكذيب لأننا شاهدناها بأم أعيننا على شاشة التفلزة من قائليها مباشرة ، لكن يبقى تفسير ما حدث و مدى تأثيره على جماعة الإخوان المسلمين هو الأهم من وجهة نظرى . حين ندقق النظر فى الحدث و تداعيته نجد أنفسنا أمام عدة أمور بالغة الأهمية : أولا : تعودنا ألا يتحدث الإخوان عن الخلافات الداخلية للجماعة على شاشات التلفزة ، فالإخوان بالطبع لا ينكرون وجود خلافات بينهم شأنهم شأن أى تجمع بشرى ، لكن الجديد هو إعلانها على الملأ بعد أن كان الرد المعتاد من قيادات الإخوان أن الخلافات شأن داخلى للجماعة ، فهل من الممكن إعتبار ما حدث هو إستراتيجية جديدة للجماعة نحو الإنفتاح أكثر على المجتمع المصرى بأطيافه المختلفة ؟ . بحيث تنتقل الجماعة من مرحلة الإنفتاح الفكرى و الدعوى إلى الإنفتاح التظيمى النسبى ، بالشكل الذى يسمح للمجتمع بالتعرف أكثر على آليات العمل داخلها و بالتالى يكون أكثر تقبلا لها ، كما يجعلها فى حالة حضور دائم إعلاميا و سياسيا داخل المجتمع المصرى وخارجه . ثانيا : توقيت الإعلان عن هذا الخلاف هل من الممكن أن يكون مقصودا ؟ ، خاصة أنه تزامن مع تحضيرات الحزب الوطنى لمؤتمره العام ، مما يحرج النظام الذى يعرفه الجميع بنظام الحزب الواحد و الشخص الواحد الذى لا معقب لحكمه و لا راد لكلمته ، فعندما يعرف الجميع أن مرشد الإخوان لا يستطيع أن يفرض رأيه على الجماعة و أن القرار داخل الجماعة شورى فى المقام الأول و أن رأى الأغلبية هو الذى يجب أن ينفذ حتى لو عارضه المرشد العام ذاته ، كل ذلك يحرج النظام و يصب فى صالح الإخوان أكثر مما يصب فى صالح النظام . ثالثا : لاحظ معى و هذا هو الأهم أن الخلاف ( إدارى ) بإمتياز و ليس فى ( المنهج أو الدعوة ذاتها ) ، بمعنى لو كان الخلاف حول أحد مبادىء المستقرة داخل الجماعة لاعتبرنا ما حدث ( إنشقاقا ) داخل الجماعة أو خروجا عليها ، أما كونه خلاف إدارى ، فهذا فى نظرى دليل قوة لا ضعف ، لأنه يدل على حيوية الجماعة و أنها فى حراك داخلى دائم و مستمر مما يستدعى بأبجديات العقل و المنطق و الطبيعة أن تحدث أمثال هذه الخلافات ، بل لعلى لا أبالغ إذا قلت أنها قد تكون خلافات يومية فى كافة مستويات القرار و العمل داخل الجماعة ، فجماعة بحجم الإخوان المسلمين داخليا و دوليا و الملفات بالغة التعقيد التى تعمل عليها و الظروف بالغة الصعوبة التى تتحرك خلالها ، كل ذلك يعتبر مولد طبيعى للعديد من الخلافات . رابعا : لاحظ معى كذلك أن الشخص محور الخلاف ، ليس حاضرا فيه و ليس طرفا فى الأزمة إن صح التعبير ، فالدكتور عصام العريان دائما ما يتحدث عن أنه غير مهتم بموضوع عضوية مكتب الإرشاد و أنه يمارس عمله بشكل طبيعى ، لذلك يصبح الإدعاء بأن الأزمة ( صراع ) على السلطة ، نوع من السذاجة السياسية ، فالصراع يقتضى أن يكون الشخص محور الموضوع حاضرا و بقوة فى قلب الحدث ينافح و يصارع من أجل المنصب و هذا بالطبع بعيد كل البعد عن حالتنا هذه . خامسا: الأعجب كذلك فى الموضوع أن الأزمة تكشف كذب الإدعاء بإن الجماعة عبارة عن حمائم و صقور أو إصلاحيين و محافظيين و غيرها من التعبيرات الإعلامية التى يحلو لوسائل الإعلام إستخدامها ، كيف ؟ دائما ما يصنف المرشد العام للجماعة إعلاميا بإعتباره ممثل الصقور و المحافظين فى الجماعة بين الدكتور عصام العريان يصفونه إعلاميا بأنه يمثل تيار ( الإصلاحيين أو الحمائم ) و أنهما فى صراع دائم على السلطة ، طبعا هذه الأزمة نسفت هذا الإدعاء ، لأن( زعيم المحافظين ) كما يقولون – المرشد العام – هو من يتبنى و يدافع عن ( زعيم الإصلاحيين ) فى الجماعة و يبذل قصارى جهده من أجل تصعيده إلى عضوية مكتب الإرشاد !! . سادسا : فى خضم الأزمة لم نسمع لأى من الطرفين أى تلميح أو تصريح ينطوى على تجريح أو إتهام للطرف الآخر كما يحدث فى الأحزاب الأخرى ، بل حرص الجميع المرشد و مكتب الإرشاد على إظهار و حدة الصف و الإحترام المتبادل بين الطرفين . سابعا : بينت الأزمة أنه لا قداسة لأحد داخل الجماعة و أنه كل يؤخذ من كلامه و يرد ، مع إعطاء كل شخص حقه من التوقير و الإحترام ، على عكس ما تصور وسائل الإعلام من أن الإخوان يقدسون قادتهم . ثامنا: لم يكن هذا الخلاف هو الأول فى تاريخ الإخوان المسلمين ، فلقد مرت الجماعة بخلافات أكثر صعوبة من النوع التى يطلق عليها خلافات مصيرية ، و خرجت منها الجماعة سالمة . فى النهاية هل سوف يؤثر هذا الخلاف فى مستقبل الجماعة ؟! ، أعتقد جازما – بإذن الله – أنه سوف يكون إضافة لا حذف للجماعة ، لكن المهم أن تكون الأزمة عامل توحيد للصف الإخوانى لا عامل فرقة ، و هذا يقتضى بالضرورة أن تعمل قيادات الجماعة على توضيح الحقائق أولا بأول لمجمل الصف الإخوانى لإحتواء أى تداعيات قد تنشأ ، فالجماعة ليست ملكا لنفسها بل هى ملكا للأمة جمعاء .

0 Comments:

blogger templates | Make Money Online