الثلاثاء، ١ أبريل ٢٠٠٨

قمتا دمشق و القاهرة

نشر فى المركز الفلسطينى للإعلام ، إخوان أون لين

بقلم / د ممدوح المنير

مفارقة مدهشة عاشها العالم العربي طيلة الأيام الماضية، قمة للعجز والهوان تتم في عاصمة الصمود دمشق! وقمة للمقاومة والتحدي تتم في عاصمة الذل والهوان القاهرة!! ويا لها من مفارقةٍ عجيبة.

قمة دمشق للقادة العرب انعقدت في وقتٍ متزامن مع قمة القاهرة للشعوب الحرة في العالم أجمع ضد الإمبريالية والهيمنة الأمريكية والصهيونية، تشابه في جدول الأعمال ولكن مع اختلاف الأهداف والنتائج والفعاليات؛ في قمة دمشق كانت علامات التشرذم والفُرْقة بين الأشقاء- هكذا يقال!- العرب جليةً واضحةً، وفي القاهرة كان التوحُّد والتعاون العنوان الأبرز للقمة رغم التنوع الحضاري والثقافي والديني الكبير للمجتمعين!!

لم يستطع القادة العرب أن يرتفعوا إلى مستوى الواقع المرير الذي تحياه الأمة جمعاء، وظلت خلافاتهم طافيةً على السطح ومترسِّبةً كذلك في محيطِ العجز العربي الراهن، لم يحاول الزعماء العرب أن يكونوا على قدرِ المسئولية الملقاة على عاتقهم، فيتعالوا على أسباب الفُرْقة والاختلاف التي زرعتها أمريكا و"إسرائيل"، ولكن للأسف الشديد كانت أمريكا هي الرئيس الفعلي للقمة رغم أنف الجميع!!، بل ربما كان البيان الختامي للقمة ممهورًا بتوقيعها.

في السابق تعوَّدنا أن يكون التدخُّل الأمريكي في القمم العربية تلميحيًّا ومستترًا قدر الإمكان، أما اليوم فالأوامر والتوجيهات علنية ومباشرة للجميع، ولم يخيِّب القادة العرب ظنَّ أمريكا بهم، فانخفض سقف التمثيل العربي كثيرًا في القمة، وحاول البعض أن يتمسَّح في خلافاته مع سوريا ليبرِّر موقفه المشين وانصياعه الكامل للموقف الأمريكي، ظنًّا منه أنه يتعامل مع شعوبٍ بلهاء ستنطلي عليها هذه الخدعة المكشوفة.

في قمةِ التخاذل العربي: المبادرة العربية هي الحل الوحيد للقادة العرب رغم أنها تعفَّنت حتى خرجت رائحتها الكريهة تزكم الأنوف.. متى ستنتهي صلاحية هذه المبادرة العفنة؟ ربما كانت الميزة الوحيدة لهذه المبادرة هي كونها دليلَ انتهاء صلاحية الأنظمة العربية كذلك، التي لم يعد لديها جديد تُقدِّمه لشعوبها حتى في الفشل والتخلف بعد أن استنفدت كافة الوسائل التي في جعبتها!!

في قمة العجز العربي أصبح العمالقة أقزامًا والأقزام كبارًا!!، الدول التي تُوصف بالقائدة والمحورية والكبيرة تَقَازَمَ حضورها وسلوكها رغم أن مَن يجلس في سُدَّة الحكم فيها كهول دائمًا ما وُصفوا بالحكماء العرب!! بينما الدول التي تُوصف بالصغيرة والضعيفة تعاظم دورها وأصبحت لاعبًا رئيسيًّا يُعمل له حساب.

في القاهرة: المشهد كانت مختلفًا بحق سيمفونية بالغة الروعة من الحرية والصمود، كانت لحظات فريدة وأنت ترى أمامك المواطن العربي مع الإسباني والبريطاني والكندي والكوري والماليزي؛ بل حتى الأمريكي، ينشدون جميعًا نشيدًا واحدًا نشيدَ المقاومة والصمود والإباء، أطفال وشباب وعجائز، مسلمون ومسيحيون ويهود وهندوس!! الكل يكره أمريكا والصهاينة!!.

إخوان مسلمون وشيوعيون واشتراكيون وناصريون ويسار ويمين ووسط، الهدف واحد: معًا ضد الهيمنة الأمريكية، ومع المقاومة الفلسطينية والعراقية واللبنانية.

تحدَّثت كل مجموعة عن تجربتها في مقاومة الهيمنة الأمريكية الصهيونية، وحدث تبادل واسع للخبرات، وشُكِّلت مجموعات عمل مشتركة من كافة الأطياف لتوحيد الجهود والوقوف صفًّا واحدًا أمام المشروع الاستعماري الأمريكي الجديد.

إن الحكمة الرائعة التي تبدو هنا هي أن نبل الأهداف والمقاصد كافية لتجميع الأضداد في كل شيء.. الحضارة والدين والعرق واللغة، بينما خِسَّة الأهداف والنوايا كافية لتفريق أشقاء النسب والدين واللغة والتاريخ، فهل من متَّعظٍ؟!

0 Comments:

blogger templates | Make Money Online