الجمعة، ٢٦ أبريل ٢٠١٣

السياسة الخارجية المصرية و صراع الأفيال

السياسة الخارجية المصرية و صراع الأفيال


بقلم / د ممدوح المنير *


تثير زيارات الرئيس المصرى محمد مرسى الكثير من التساؤلات حول جدوى هذه الزيارات الخارجية سواء على الصعيد السياسى أو الإقتصادى ، خاصة أن الرئيس شرّق و غرّب كثيرا منذ توليه مقاليد السلطة .


و  كثير من هذا الجدل الدائر لا يتعلق فقط بجدوى الزيارات ولكن بكون الرئيس محسوب على جماعة الإخوان المسلمين التى تصل إلى السلطة لأول مرة فى تاريخها ، مما يشكل إنقلابا كبيرا فى سياسة مصر الخارجية  و فى تعامل الدول الكبرى مع مصر .


نحاول من خلال هذا التحليل أن نوضح الرؤية الإستراتيجية التى تحكم العلاقة بين الطرفين ( مصر و الدول الكبرى ) و ليست الأهداف التكتيكية التى قد تكون مهمة للغاية ، لكنها ليست بحال المحدد الرئيسى للعلاقات بينهما ، بمعنى آخر قد تكون الأهداف التكتيكية أو المرحلية تعاون إقتصادى أو جلب إستثمارات أو زيادة اعتراف العالم بالقيادة المصرية الجديدة أو تعاون ثقافى أو علمى أو نحو ذلك من مجالات العمل التى تحكم طبيعة عمل الأنساق الدولية .


فى الحقيقة إن الإطار الحاكم بينهما هو إدراك كل طرف أن مستقبله سوف يكون على حساب الآخر ، و بهذا تحدث سنة التدافع بينهما ، أو بشكل آخر تعانى الولايات المتحدة و حلفائها تراجعا حضاريا و إقتصاديا كبيرا فى العقد الأخير ، مما جعل الكثير من مراكز الأبحاث الغربية تتحدث عن الإنهيار الوشيك و المحتوم للحضارة الغربية بعد أن وصلت لمرحلة التشبع الحضارى و الذى يعقبه عادة بداية السقوط  للحضارة الغربية و هو ما يدفع المعسكر الغربى الحالى لبذل جهود مستميتة فى محاولة لتأخير هذا التراجع عن سلّم قيادة العالم .


و لأن العالم الغربى يدرك جيدا أنه لم يستلم زمام القيادة إلا على أنقاض الإمبراطورية الإسلامية المتمثلة فى دولة الخلافة العثمانية التى قامت على أنقاضها الإمبراطورية الغربية ، فهو الآن يخشى أن صعود مصر و قوتها سوف يكون المقدمة لأن تكون هى قاطرة العالم الإسلامى و من ثمّ إستعادة قيادة العالم من جديد ، كما قاده المسلمون لأكثر من الف عام فى ظل الخلافة الإسلامية .


إذن هو صراع حضارى بإمتياز ، أو سمه إن شئت صراع الأفيال الذى تتصراع و تتناطح فيما بينها فى عالم يحكمه منطق القوة لا قوة المنطق .


فأمريكا  تتهاوى بكل ما تعنيه الكلمة فقد جعلت العالم كله يحبس انفاسه منذ شهرين تقريبا عندما وصلت الي ما يعرف بحافة الهاوية الاقتصادية و تم رفع سقف الدين العام ليصل إلى أكثر من 90 % من إجمالى الناتج القومى ، كذلك  برزت مسألة انفصال الولايات عن الحكومة المركزية فى الولايات المتحدة بشكل أكثر جدية ، بداية المطالبة بالانفصال كانت نشر خمس ولايات على موقع البيت الابيض عريضة تطالب باستجواب كل ولاية على حدة للتعرف على رأيها بالانفصال السلمي عن الاتحاد الفيدرالي وقع عليها 600 ألف فرد.


لمؤرخ الأمريكي بول كيندي في كتابه «صعود وسقوط القوى العظمى» الذي نشر عام 1987، تنبأ فيه بسقوط الإمبراطورية الأمريكية بالمعنى التاريخي للكلمة الذي هو المصير الحتمي لأي إمبراطورية، بما يعني اضمحلال قوتها تدريجيا نتيجة عوامل داخلية بنيوية من ناحية، ونظراً لصعود قوى عظمى منافسة مثل الصين والهند والبرازيل.

لذلك ليس غريبا أن نقول أن كثير من أحداث الثورة المضادة فى مصر تتم من داخل السفارة الأمريكية فى القاهرة ، و ذّلات لسان بعض قادة المعارض مثل البرادعى والزند واستنجادهما بالولايات المتحدة يجعلنا ندرك إلى أى حد تعتمد عليهما قوى الثورة المضادة فى إسقاط النظام الحالى .


لذلك نحن ندرك و نؤمن ان كل من يقود الثورة المضادة في مصر هم مجرد كومبارس و عرائس تحركها امريكا و حلفائها ، فمعركتنا مع الغرب في الحقيقة الذي لن يسلم بسهولة ، بل انه اذا شعر ان ذيوله في مصر فشلت في اجهاض الثورة ، فسوف يبدأ حينها في استخدام انيابه من حصار اقتصادي او حتي التلويح بالحرب .

 و التاريخ المصرى الحديث يشهد على طبيعة المعركة الدائرة حاليا ، فيجب ألا ننسى ان أول برلمان منتخب و دستور وطنى وضعه المصريون لأنفسهم  كانا فى عام 1882م ، فى البداية كما جاء فى موقع تاريخ مصر فى توثيقه لأحداث هذه الفترة (تم انتخاب البرلمان و الذى رأت فيه إنجلترا و فرنسا يمثل خطورة علي مصالحهما، لأن قيام مجلس نيابى مستقل سوف يجعل من التدخل الأوروبي أمراً صعباً، علي حين أن نظام الحكم المطلق يسهل أمور التدخل.


و علي هذا أرسلت الدولتان مذكرة مشتركة في 7 يناير 1882 م توحي كلماتها بالاستياء من قيام نظام برلماني في مصر، و تذكر صراحة أن هذه الأحداث توجب التدخل لحماية العرش الخديوي ، و بالطبع رفض شريف باشا رئيس الوزارة حينها المذكرة و احتج لدي القنصلين الانجليزي و الفرنسي علي المذكرة.


و أمام إصرار الطرفين علي موقفيهما من مناقشة الميزانية، استقال شريف باشا و تألفت وزارة برئاسة البارودي  الذي عين أحمد عرابي وزيراً للحربية ، و بادرت الوزارة بإعلان الدستور في 7 فبراير 1882 م و إقرار حق المجلس في مناقشة الميزانية ، و هنا أحتج الرقيبان الفرنسي و الإنجليزي و طالبا قنصليهما بالتصرف.


و طلبت الحماية البريطانية من الخديوي اسماعيل وقتها وقف العمل بالدستور و تعليق العمل باول مجلس نواب منتخب ، فلما رفض الشعب ذلك ، تم احتلال مصر بعدها مباشرة من قبل الانجليز ، ففى يوم 11 يوليه سنة1882 م دكت مراكب الانجليز الاسكندريه و نزلت قواتها على بر مصر و تصدى لها أحمد عرابى فى معركة التل الكبير اللى انهزم فيها عرابى و دخل الانجليز القاهره يوم 15 سبتمبر 1882 و بدأ إحتلال الانجليز لمصر ، و اوقف العمل بالدستور و الغي مجلس النواب ) .


بهذا وحده تفهم علاقات مصر الخارجية و المعركة الدائرة حاليا ، انه صراع حضارات بامتياز ، و كل من يتصدر المشهد حاليا من ثورة مضادة ، ما هم الا كومبارس ، يظهرون في المشهد لبعض الوقت ثم يختفون بعد ذلك الي مذابل التاريخ ، هذا هو المحدد الرئيسى لطبيع علاقات مصر الخارجية علاقات قوى كما يقول علم العلاقات الدولية ، القوة و حسب فى عالم البقاء فيه للأصلح و الأقوى .


--

د ممدوح المنير
خبير تنمية بشرية ( منظمة اليونيسكو الدولية )
كاتب و محلل السياسى
E-mail :almuneir@yahoo.com

2 Comments:

غير معرف said...


عطشـــان ياصبايا دلونى على السبيل

فى عام 2008 كتبنا فى مصــــرنا محذرين ... من المؤسف أن صحفى مصرى مقيم فى أمريكا يكتب و يهتم و يحذر منذ أكثر من 6 سنوات بينما فى مصـــر نيام .. نيام -
عزيــــزى القارئ أرجو أن تتعب نفســـك و تقرأ :
- حوار مع السفير إبراهيم يســـرى
- حوار الفريق ســوار الذهب : أتمنى أن تزول الحدود بين مصــــر و الســـودان
- ثقافة الهزيمة .. السودان أرض مصرية
- ثقافة الهزيمة .. موسم الهجرة إلى الجنوب ...

بالرابط التالى

www.ouregypt.us

غير معرف said...

عصابة النووى

نشرت جريـدة المصرى اليوم فى 17 يوليو 2013 قال أحمد إمام، وزير الكهرباء والطاقة فى تصريحات صحفية، بعد إبلاغه بالاستمرار فى منصبه ضمن حكومة الببلاوى، إن البرنامج النووى لتوليد الكهرباء، سيكون أحد أهم محاور قطاع الكهرباء فى الفترة المقبلة.وأضاف:"لدينا برنامج جيد يستهدف إقامة 4 محطات نووية لإنتاج الطاقة،..

الخبر واضح منه أن عصابة النووى مش ناويين يجبوها البر و كل ما يجئ رئيس يروحوا له لأقناعه بشراء مفاعلات نووية. لماذا نشترى مفاعل نووى تزيد تكلفته على 5.52 مليار إيرو ، و 300 من مراوح توليد طاقة الرياح تنتج ما يعادل مفاعل نووى و تتكلف 900 مليون إيرو فقط؟!!!

بالرغم من كوارث المفاعلات النووية و أشهرها تشرنوبيل "أوكرانيا"عام 1986 و فوكوشيما "اليابان" عام 2011 مازال هناك فى مصر من المسئولين من يصر على أستغفال و أستحمار الشعب المصرى ، و يسعى جاهدا لأنشاء مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء!!!!

و أصبح واضحا كالشمس أن هناك عصابة منذ عهد حسنى مبارك مرورا بعهد محمد مرسى و حتى الأن تسعى جاهدة منذ سنوات لشراء مفاعلات نووية لمصر و لا يهم و لكنها صفقة العمر لأفراد العصابة من حيث عمولات بمثات الملايين من الدولارات يستطيعوا بها أن يعيشوا هم و عائلاتهم كالملوك فى أى بلد يختاروه فى العالم أما عواقب المفاعلات النووية التى سيكتوى بنارها المصريين فهذا أخر شئ يهم فاقدى الشرف والذمة و الضمير ...

و نحن فى مصرنا نكتب منذ عام 2007 محذرين من مخاطر النووى و منبهين إلى البديل الأكثر أمانا و الأرخص

ثقافة الهزيمة .. النووى كمان و كمان
ثقافة الهزيمة .. العتبة الخضراء
ثقافة الهزيمة .. أرجوك لا تعطنى هذا السرطان

مزيـــد من التفاصيل و قراءة المقالات بالرابط التالى

www.ouregypt.us

blogger templates | Make Money Online