الأحد، ٢١ أبريل ٢٠١٣

مذكرات 6 إبريل ( 3 – 3 ) ، فى معية الله ، سر الرقم 608




مذكرات 6 إبريل ( 3 – 3 )

فى معية الله

سر الرقم 608

د ممدوح المنير


almuneir@yahoo.com


جاءتنى تعليقات كثيرة على الحلقتين الأولى و الثانية من المذكرات و أشكر الجميع على هذه التعليقات ، كما أؤكد على أن هذه الشهادة  تحكى الجزء الذى شاهدته من المشهد و عشته و ليس المشهد كاملا من زواياه المختلفة ، فقد تسقط أسماء أو أحداث لم أعلم بها أو أتفاعل معها وقتها حتى لا يظن أحد أنّى قد تجاهلت أحد أو لم أذكر حدث بعينه ، فأرجو أن تفهم المذكرات من خلال هذه الرؤية ، كما أن أكثر من 90 % من المذكرات مكتوب عقب الإفراج عنى مباشرة فى شهر 11 / 2008 م ، و لا تزال بتاريخ نشرها على مدونتى الشخصية ( د ممدوح المنير ) موجودة كما هى من حينها ، كما أؤكد أن هذه المذكرات هى رؤيتى الشخصية للأحداث و ليست رؤية حزب أو جماعة .


أبطال المهمة


كان من أهم اسباب التعذيب هو التعرف على الفريق الإعلامى الذى ساعدنى فى تغطية الأحداث و تعرضت لتعذيب شديد حتّى أبوح بأسمائهم ، لكن الله ثبتنى و هو وحده من يملك هذا ، ليس بالقوة و لا الشجاعة و لكن محض فضل من الله ، و لكن الآن يمكننى البوح بأسمائهم لتوثيق الحدث للتاريخ و هم د محمود رشاد بالمحلة و الذى شجعنا على تغطية الحدث ، عصام شوشة المصوّر المحترف و الذى صوّر أهم الصور فى اليوم ، الأخوان عادل الحداد ( قام بدور كبير عبر مدونته أحرار و لكن فى دعمى )  و محمد الحداد اللذين صوّرا ووثقا الكثير من مشاهد اليوم  ، أ / محمد منجى الذى سمح لنا باستخدام مقر شركته فى المحلة لتكون غرفة عمليات اللجنة الإعلامية و هى مخاطرة شديدة قبل أن يضع نفسه فيها فى حالة اكتشاف امن الدولة ذلك ، أحمد الأشرم الذى كان يقوم بمرافقة المصور لحمايته من أى اعتداء يقع عليه ، هؤلاء هم الفريق الذى عرض نفسه للمخاطرة فى سبيل توثيق الحدث و فضح النظام تجاه أهل المحلة.


من الشخصيات الحبيبة إلى قلبى و لم أنساها و عايشت أجزاء من معاناتى  د سعد عمارة و الأستاذ محمد عبدالجواد و د / محمد وهدان  اللذين أشرفوا على علاجى من التعذيب و الأستاذ وائل الحدينى و الذى أرسل المذكرات لوسائل الإعلام و غيرهم الكثير من الأحباب .

محضر دعارة

 أثناء عرضى على النيابة فى أحد المرات طلب أحد المستشارين الكبار مقابلتى فى حضور الأستاذ زكريا فتحى المحامى رحمه الله و الأستاذ زكريا رمضان المحامى ، رغم أنه من المفروض الا أمثل أمامه و دخلت عليه فى غرفته و قال لى انا هحبسك و انا عارف انّك مظلوم ، و يريت ما تدعيش ( تدعى ) علّيه ، ثم طلب دخول أمّى ، فدخلت و جلست ، فقال لها أرجوكى لا تدعى عليّه علشان أنا مضطر أحبس إبنك و انا عارف إنه مظلوم ، فقلت له و ناوى تحبسنى أد إيه ؟ ، قالى معرفش ، فاستغربت ، و بعدين قالى بالنص : أنا منتظر الفاكس ييجى ذىّ زيّك ، رغم أنه المفروض أن أصغر وكيل نيابة تحت يديه يملك اتخاذ القرار ، لكنه فى انتظار فاكس امن الدولة .


ثم قال لى أمام الحاضرين ، يا عم سيبك من الإخوان و شوف مصلحتك ، همه ناس محترمة ، بس الموج عالى ، و هتبهدل أهلك معاك و مستقبلك هيضيع ، و بعدين حكى لى - و أقسم بالله أنّ هذا ما قاله لى - أن أمن الدولة عندما أخبره أن أحد أقاربه ينتمى للإخوان و حتّى ينفى عنه هذه التهمة ذهب بقريبه هذا إلى قسم الشرطة مع أخت قريبه و وقعا على محضر فى القسم بارتكابهما الزنا معا بمحض إرادتهما ، ثم أخذا المحضر إلى أمن الدولة حتى يرضى عنهما أمن الدولة و لا يتهم قريبه بالإنتماء للإخوان !! ، نظرت إليه و جميع الحاضرين فى ذهول ، ثم أكمل قائلا فى راحة و سعادة و الحمد لله أمن الدولة وافق على أن يحتفظ بمحضر الزنا ليبتز به المستشار و قريبه و اسرته إذا ما فكّرا بالإنتماء للإخوان.


هذا المستشار ياترى أين هو الآن ؟ ، و هل لا يزال محضر الزنا فى يد أحد ضباط جهاز أمن الدولة السابق يبتزه به ؟ ، و كيف يتعامل مع قضايا الثّوار ؟!!


هذا الموقف حكيته ليعرف الناس حجم الفساد و الإفساد الذى يضرب جذوره فى كل مفاصل الدولة ؟ و أن إسقاط مبارك لم يكن سوى طلقة البداية ، كما لا بد أن نؤمن أننا فى معركة النفس الطويل ضد كافة شخوص و أجهزة النظام السايق ، نحتاج فيها إلى مزيد من الجهد و العرق و السهر و أحيانا الشهادة لأنها معركة فى سبيل الله و الوطن و التاريخ .


سر الرقم 608 ، إذا كان الله معك فمن عليك ؟


عشت فى عنبر التأديب هذا عذاب فوق العذاب  من الضجيج الهائل الذى كان يحدثه البلطجية المجاورين لى فى الزنزانة حين يبدأ تأثير المخدرات التى يتعاطونها بالإنتهاء  فيأخذوا فى طرق الأبواب بدون توقف  24 ساعة ، فلم أنم لحظة واحدة لأيام طويلة ، فضلا عن صداع مزمن لا ينتهى , مما أرق مضجعى و نغص علىّ حياتى فكان بلاءاً فوق البلاء ، أوشكت فيه مقاومتى على الإنهيار و استنفذت كافة سبل الإحتجاج كما نوهت من قبل ، فأُغلقت دونىِ الأبواب و بلغت الروحُ الحلقوم ، حتى جاءنى الفرج من حيث  لا أنتظر !.


أحب أن أشير بداهةً أن ما حدث معى لم يكن لأهليّتى لذلك فأنا أعلم الناس بضعفى و تقصيرى و لكن الأمر كما يقول علماء القلوب أن هناك صنفين من البشر يستجيب الله لهما و يحيطهما برعايته بغض النظر عن تقصيرهما فى حقه ، ألا وهما : المضطر يتدخل المولى برحمته التى وسعت كل شىء ليفرج كربه و الآخر هو المظلوم و الذى أقسم الله بنفسه أن ينصره بعدله و لو بعد حين ، لذا أرجوا أن يفهم كلامى من خلال هذا السياق و اللهُ مطلعُ على السرائر .


حين كنت أعانى ما أعانيه إستبدت بىَ الظنون و دخلت علىّ هواجس الخوف و الرعب و اليأس و أحسست أنى مقدم على مرحلة صعبة هذه أولُ بوادرها ، حتى فُتح علىّ الباب و أنا على هذه الحالة و أدخلَ السجّان فى الزنزانة المجاورة لى وافداً جديداً و أمسكت قلبى بيدىّ و أخذت أتسائل من أى نوعٍ هو ؟ مزعج أم هادىء النفس ؟ و ظللت متوجسا غاية التوجس ، أنتظر ما سيحدث ، تمر الساعات على  بطيئة متثاقلة كنت أنتظر فى تلهف أن أرى أو أسمع ردود أفعاله بعد ساعات من الحبس و كان وقتها قد دخل فى نوم عميق منذ أن دخل و بينما أنا على هذه الحالة ، إذا به ينادى يستيقظ و ينادى علىّ : يا أستاذ ، قلت لنفسى قبل أن أرد عليه و بدأت المشاكل ! سوف يطلب منى طلبات لا أستطيع أن ألبيها له و هنا تتكرر مأساتى .


لكنى و جدته يكلمنى فى وداعة و هدوء و يطلب التعرف على  فعرفته بنفسى فى إقتضاب فإذا به يواجهنى بهذا الطلب العجيب الغريب !! ، قائلا لقد جاءنى فى المنام من يقول لى ( آية 608 ) فهل تعرف هذه الآية ؟ ! ، فقلت له فى إندهاش عظيم لا أعرف آية فى كتاب الله تحمل هذا الرقم ، فقال لى فكّر فهذا الخاطر ألحّ علىّ كثيراً و أنا نائم و لا أجد له تفسيراً !! ، فأحسست عندها أنى إستعد لإستقبال رسالة ما ساقها الله إلىّ على لسان هذا الرجل الغريب الذى لم يدخل إلا منذ ساعات معدودة ، فتحت المصحف ووقعَ فى قلبى وعقلى أن هذه الآية ربما تكون هى مجموع الآيات التى تسبقها فى المصحف و فعلاً بدأت فى جمع عدد آيات السور من أول الفاتحة حتى و جدت الآية ( 608 ) هى الآية السابعة عشر فى سورة الأنعام ، قال تعالى ( و إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو و إن يمسسك بخير فهو على كل شىءٍ قدير ) و ذهلت و سكت و بكيت ! لقد وصلت الرسالة ، واضحة ، جلية ، منبهة ، موجهة ، شافية !!.


إن ( يمسسك) ( الله ) بماذا ( بضر ) ( فلا كاشف له ( إلا ( هو ) ، أخذت أرددها و كلما رددتها أكثر بكيت أكثر ، الله وحده هو النافع و هو الضار، بيده كل شىء و إليه يرجع كل شىء ، بيده الحركة و السكون و الأمر و النهى ، فوجهت و جهى إليه ، أدعوه دعاء المضطر المظلوم ، أبثه شكواى و أقول له يا من جعلت النار برداً و سلاما على إبراهيم إجعل حبستى هذه أمناً و سلاما علىّ و كان بعدها الهدوء التام و السكينة والطمأنينة ، نعم جاءنى بعدها نزلاء جدد و لكن بلا صوت ولا طلبات ، يقضون معظم أوقاتهم نُوّما حتى نسيت وجودهم بجوارى أصلا !! ليس هذا فحسب بل عشت فى سلامٍ نفسىّ عجيب وأخذ الوقت يمضى بسرعة عجيبة لا أشعر معه بلحظة ملل رغم وحدتى !! ، حتى قلت لأحد الضُباّط بعدها أننى أشعر أنى أعيش فى حلم !! ما أن يبدأ اليوم حتى ينتهى !!.


ما أجمل أن تشعر أن الله معك يحفظك و يرعاك ، فإذا كان الله معك فمن عليك ؟ و إذا كان عليك فمن معك ؟! و ذهب الرجل كما جاء بلّغ الرسالة و ذهب و ذهبت معه كل متابعى و عشت بقية أيامى كما أنا وحيدا و لكن فى هدوء حتى أشرفت أيامى فى هذا المكان على الإنتهاء و ما هى إلا ساعات معدودة و أحصل على حكم الإفراج السادس و أنا خائف أن يلحق بسابقيه و لا ينفذ !! و لكن تتأزم الأمور من جديد و ندخل فى محنة جديدة حتى يأتى الفرج من جديد و بشكل لم يخطر على قلب بشر !!.


الزيارة


فى حياة المعتقل تصبح زيارة الأهل و الأحباب – الوالدين و إخوتى معتز و معتصم  و إخوانى و جيرانى - أهم حدث فى حياته ينتظره بفارغ الصبر و على أحّر من الجمر ، كان المرأ يعد أيام حبسته بعدد الزيارات !! .

فى حياة السجون هناك قانون أو عرف غير مكتوب بين كافة المعتقلين السياسيين أو حتى الجنائيين مفاده أن المعتقل يظهر فى أثناء الزيارة فى أحسن هيئة و أجمل صورة أمام زواره ، لأننا جميعا ندرك المشقة الكبيرة التى يعانيها الأهل قبل الزيارة و أثناء الزيارة و بعد الزيارة لذا كان حتميا أن تكون هيئتنا طيبة حتى نبعث فى قلوبهم الطمئنينة .

فى الزيارة يحاول كل منا أن يبدو قويا أمام الاخر و لكن لغة العيون دائما ما كنت تفضح ما يحاول والدىّ إخفاءه من تعب و إرهاق .


فى أغلب الزيارات كانت والدتى عندما أراها لا أتمالك نفسى فقسمات و جهها ، خطواتها المتثاقلة من تعب الطريق ، نظراتها المرهقة من أشعة الشمس الحارقة كل هذا كان يترك فى نفسى أثرا أحاول أن أخفيه لحظة سلامى عليها و لكن هيهات هيهات ، عندما أسلم عليها و أرتمى فى حضنها الدافىء - كأنى طفل يبحث عن الأمان المفقود بين زراعىّ والدته - كنت فى هذه اللحظه أشعر براحة كبيرة بين أحضانها ، أذكر مرة بينما أسلّم على والدى و أحتضنه طال العناق بيننا حاولت أن أنزع نفسى من بين يديه و لكنه أبىِ فاستسلمت له و دار بيننا حوار بلا كلمات أو نظرات كانت كل ضمة يضمنى بها إليه تعبر عن حنان و حب و رحمة كنت فى أمس الحاجة إليها .


أبى و أمى


و لم أنسى لحظة زيارة أهلى لى ( أبى و أمى و أخى معتز ) أول مرة بعد انتقالى لسجن عنبر الزراعة و كنت وقتها فى عنبر التأديب فى الحبس الإنفرادى واستدعونى و أنا بثيابى الممزقة و التى تمتلىء بآثار الدماء و لحيتى و قد طالت واستطالت بلا تهذيب ، فكان منظرا مأساويا بالنسبة لهم و بكى الجميع و أخذت أمّى الحبيبة تدعو علي من حبسنى أمام رئيس المباحث أشرف بيه وقتها و هو يحاول تهدئتها و أعلنت أمى اعتصامها فى حجرته حتى يفرج عنّى وارتبك الموقف ، و لم تنهى أمى اعتصامها إلا بعد تدخلى حرصا عليها ، و بعد أن وعدها الضابط أن تأتى فى الزيارة القادمة و تجد وضعى و قد تحسن !! ، و انصرفوا و أنا أنظر إليهم محاولا التماسك و لكن دموعى غلبتنى بسبب التعب و الإرهاق الذى تعرضوا له فى رحلة العذاب التى يقضونها فى السفر و فى الإنتظار حتى الدخول ثم التفتيش الذاتى للزوار و فى تفتيش الطعام و الملابس المصاحبة لهما ، و قد كبرا بهما السن ، لكنهم لم يتركوا يوما للزيارة إلا كانوا أول من يحضر كل اسبوع ، و كانت الرحل تستغرق منهم أكثر من عشر ساعات ذهابا و إيابا فى تعب و ضغط نفسى لا مثيل له ، فاللهم إجعل صبرهما هذا فى ميزان حسناتهما .


كان من أشد الأمور تعذيبا لى هو تذكرى لمدى المعاناة التى أصيب بها والدىّ فى فترة اعتقالى ، منها أن والدى فى سعيه الحثيث للتعرف على مكانى أثناء إختفائى فى أمن الدولة ، إستطاع عبر معارفه واتصالاته أن يصل إلى رجل يعرف أمين شرطة داخل جهاز أمن الدولة ، و كان ينقل له ما يحدث لى من تعذيب ، فيقول له اليوم إبنك عذبوه جامد ، إبنك كان هيموت من شدة التعذيب ، فتخيلوا كم المعاناة النفسية التى يعانيها أبى و أمى و هم يبيتون كل ليلة على أمثال هذه الأخبار و الحمد لله على كل حال .


النهاية


قبل موعد الإفراج النهائى عنّى بعد ان قضيت سبعة أشهر منهم  ثلاثة فى الحبس الإنفرادى بسجن عنبر الزراعة أعانى شتّى الوان العذاب جائتنى مجموعة من قيادات جهاز أمن الدولة من مقر الجهاز بمدينة نصر الملقب بعاصمة جهنم ، و قالوا لى إعلم أنّك لن ترى الشمس مرة أخرى ، و أن قرار المحكمة بالإفراج عنك هو حبر على ورق ( بلّه واشرب ميّته ) ، واظلمت الدنيا فى عينى و اغلق السجن ابوابه ، أكثر من ستة أبواب متداخلة بعضها فوق بعض و شمّعت الأبواب بالشمع الأحمر ، و انصرف الجميع فى إدارة السجن إلى بيوتهم و ظللت فى الحبس الإنفرادى وحيدا و كنت وقتها صائما قبيل أذان المغرب من يوم الخميس وبدأت فى مرحلة الإنهيار النفسى جراء ما سمعته منهم .


و لكنى تذكرت العلاج الناجع الذى لا يخيب لأى انهيار نفسى أو ضائقة تمر بحياة الإنسان فقمت و توضئت و توجهت إلى القبلة و بكيت و تضرعت إلى الله ان يفكّ كربى و اخذت أهتف بكل قوتى بالدعاء السرمدى الخالد (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ '' فنجيناه من الغم و كذلك ننجى المؤمنين ), و أذّن لصلاة المغرب و انا على هذا الحال ، واقفا بين يديه متضرعا إليه ، أبثّه شكواى و أقول يارب .


فإذا بى أسمع أصوات الأبواب تفتح الواحد تلو الآخر ، رغم انه فى قانون السجون إذا اغلقت الأبواب لا تفتح إلا فى اليوم الثانى و بمحضر خاص بذلك ، واذا باب زنزانتى يفتح و يدخل رئيس المباحث و يرانى على حالتى هذه فينظر لى باندهاش ، و يقول لى لقد عدت من المنزل خصيصا من اجلك ، قلت له لماذا ؟ قال لا أعلم ، فتعجبت أكثر ، و إذا به يقول هناك من ينتظرك فى الخارج ،فقلت له من؟ ، فرفض الإجابة ، فخرجت فإذا بهم نفس ضباط أمن الدولة ، و قالوا لى : عندنا لك مفاجأة فقلقت أكثر و صمت ، ثم قالوا لى بعد قليل سيأتى والدك لإصطحابك إلى البيت و الف مبروك على الحرية .


و علمت بعدها أن والدى  اتصلوه به و قالوا له نريد رؤيتك فى أمن الدولة ثم أخذ أحد الضباط  الوالد فى سيارته الملاكىّ و توجه به إلى السجن الذى أنا محبوس به ليصطحبنى إلى البيت ، و لم تمضى ثلاث ساعات الا و كنت فى بيتى و فى احضان أمى و والدى و إخوتى ، واستغربت وتعجبت من طريقة الخروج ، لكن من كلامهم معى أثناء خروجى شعرت بأنهم يقولون بلسان الحال ، سنكرمك فى الخروج حتى لا تتحدث عمّا حدث معك من تعذيب و تنكيل فى وسائل الإعلام ، خاصة أننى فعلتها وانا معتقل تحت أيديهم ، لكنى ما أن خرجت حتى كتبت مذكراتى و نشرتها و أجريت أكثر من حوار صحفى فضحت فيه ما حدث معى و لا تزال كل هذه الحوارات موجودة على المدونة.


 وأخذت أقول لنفسى حقاَ متى فتح باب السماء ، تهاوت له كل أبواب الأرض فمن وجد الله و جد كل شئ و من فقده فقد كل شئ فسبحانه بين طرفة عين وأنتباهتها يغير الله من حال إلى حال .


اللهم أرزق الحرية لكل مظلوم و النجاة لكل مكلوم و أرنا عجائب قدرتك فى كل ظالم وطاغية ، و هذه هى شهادتى لله و للوطن و للتاريخ .




--
مع خالص الشكر و التحية

د ممدوح المنير
خبير تنمية بشرية ( منظمة اليونيسكو الدولية )
كاتب و محلل السياسى

1 Comment:

مهندس مصري بيحب مصر said...

جزاك الله كل خير عن جهادك في سبيله و وقوفك في وجه الظالمين

blogger templates | Make Money Online