السبت، ٢٧ فبراير ٢٠١٠

استعدوا للحرب




استعدوا للحرب ؟



هل لا حظت معى، أن إمارات ونذر الحرب، أصبحت تملأ المنطقة بشكل يوحى بأن المنطقة العربية مقبلة على صيف شديد السخونة هذا العام، إذا استمر قرع طبول الحرب على هذا النحو .
إذا ركبت أجزاء الصور التى تشاهدها على قنوات الأخبار ، سرعان ما يتضح أمامك أن هناك حرب تدبر بليل، وأن الأجواء السائدة حاليا فى العواصم العربية والغربية هدفها الأوحد هو ( التهيئة النفسية ) للضرب القادمة.
الحاصل من حولنا يحمل كثير الدلالة على صحة ما نطرحه هنا، كيف ؟ !
أولا ) إيرانيا : وصلت المفاوضات الإيرانية الغربية لطريق مسدود بعد الفشل فى عقد إتفاق مرضى للطرفين، فى الوقت الذى أعلنت فيه إيران التحدى وسرعت من وتيرة برنامجها النووى بشكل نقل الموقف الإسرائيلى الأمريكى الغربى من ( الإنزعاج ، القلق البالغ ) من البرنامج النووى الإيرانى إلى الشعور (بالتهديد المباشر) وانقلاب الكفة إستراتيجيا على المدى القريب لصالح إيران إذا استمر برنامجها النووى يتقدم بهذا الشكل الذى يمكنها من امتلاك القنبلة النووية قريبا .
فالجميع يعلم ويدرك جيدا أن إسرائيل ( من غير السلاح النووى ) هى الطرف الأضعف بالنسبة لإيران، فامتلاك إيران للسلاح النووى يمكنها من أن تصبح القوى العظمى فى المنطقة بلا منازع ، وبالتالى يضرب الوجود الإسرائيلى فى مقتل، امام هذا الطرح يصبح اهتمام اسرائيل بالقضاء على البرنامج النووى الإيرانى هو مسألة حياة أو موت بالنسبة لها ، لذلك اعتقد أن اسرائيل مشغولة حاليا بكيفية امتصاص رد الفعل الإيرانى على الضربة التى قد توجّه لها، أكثر من انشغالها بهل ستوجه لها هذه الضربة أم لا ؟.
ثانيا ) فلسطينيا : مثّّل إغتيال الشهيد المبحوح فى دبى أحد أهم نذر الحرب القادمة وإذا أضفنا إليها ما يكمل الصورة من فشل صفقة شاليط وحديث باراك عن القيام بعملية عسكرية لتحريره، مع تصاعد وتيرة التهويد للقدس الشرقية فضلا عن الإنتهاكات الإسرائيلية المستمرة لقطاع غزة، بهدف جرّ حماس لرد فعل غير محسوب يجعلها هى البادئة فى توتير الأوضاع مما يدفع المنطقة للحرب، خاصة أن شن مثل هذه الحرب أصبح ( ضرورة إسرائيلية ) سواء للمزايدات الإنتخابية داخل إسرائيل، أو للقضاء على حماس ومن ثمّ تصفية القضية الفلسطينية برمتها خاصة أن الحكومة العربية فى اسوء حالتها فهى تتوزع بين الجبن والخنوع والخيانة، كل هذه المشاهد تجعلنا سرعان ما ندرك أن هناك حرب ما يجرى الإعداد لها على قدم وساق فى الخفاء وفى العلن .
ثالثا ) لبنانيا : تواصلت التهديدات الإسرائيلية لحزب الله فى الفترة الأخيرة دون أسباب موضوعية تستدعى هذا التصعيد السياسى و الإعلامى ضد الحزب ، مما دفع الحكومة البنانية ذاتها لرفض هذه التهديدات على لسان مسئوليها، هذه التهديدات بالطبع ليست فقط من باب الحرب النفسية لإستدعاء الحكومة اللبنانية الجديدة على سلاح حزب الله، لكن السبب الحقيقى هو شعور إسرائيل أن حزب الله أًصبح قادرا على ضرب العمق الإستراتيجى لإسرائيل وأن كل يوم يمر، يزيد من قوة الحزب ويصعب من مهمة إسرائيل فى القضاء عليه لذلك فإسرائيل معنية بإنهاء هذا الصداع المزمن بالنسبة لها فى القريب العاجل .
رابعا ) مصريا : بناء مصر للجدار الفولاذى على الحدود مع غزة بغرض خنقها تماما ووقف الدعم اللوجستى لها عبر الأنفاق ، مع التقارب والتفاهم المصرى الإسرائيلى والذى وصل إلى حد ( الوله ) فالرئيس المصرى يتصل بالسفير الإسرائيلى فى القاهرة ليودعه قبل رحيله!! ويتصل بوزير إسرائيلى ويهنئه بعيد ميلاده !! هذا فضلا عن التهنئات المباركات المصرية التى تمت منذ فترة بمناسبة الإحتفالات الإسرائيلية بعيد ( الإستقلال !! ) كما يزعمون عام 48 !! هذه الأنباء أذاعتها وسائل الإعلام فى الفترة الأخيرة ولم يكذبها أحد فى الحكومة المصرية وكما هو معلوم صحفيا وقانونيا أن الخبر الذى ينشر ولا يتم تكذيبه تزداد مصداقيته.
هذا ( الوله ) المصرى بإسرائيل ، قابله هجمات أمنية شرسة على جماعة الإخوان المسلمين فى مصر - الراعى الرئيسى لحركة حماس - طالت قيادات كبرى فى الجماعة و بوتيرة متصاعدة بهدف شغل الجماعة بمشاكلها الداخلية و بإمتصاص الضربات الأمنية المتلاحقة لها، مما يشلّ كثيرا من حركتها على الأرض وهذا يؤدى بدوره إلى ( تسكين ) الوضع الداخلى تماما، مما يهيأ الأجواء للحرب القادمة و يجعل القائمين عليها ( يعملون ) دون ( إزعاج ) يذكر من الشعوب وخاصة مصر والتى كان لها نصيب الأسد من الإحتجاجات التى صاحبت حرب غزة الأخيرة وأريد لها ألا تتكرر - الإحتجاجات - مّرة أخرى .
إذا أضفنا لذلك أن مصر مقبلة على إنتخابات تشريعية هامه هذا العام تليها إنتخابات رئاسية مفصلية، مما يجعل الشارع المصرى والمعارضة فى حالة (إنهاك و إنشغال ) كلّى وهذا بالطبع يعتبر ظرف مثالى لشن حرب بلا إزعاج.
خامسا) أمريكيا : الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة أوباما أمامها سنتين فقط بنهاية هذا العام قبل أن تدخل فى انتخابات رئاسية جديدة ، وهى بكل تأكيد تعلم أن هناك حربا لا بد أن تشن ّ عاجلا أم آجلا سواء مع ايران أو حماس و حزب الله ، و ليس من مصلحتها أن تدخل فى استحقاق انتخابى بعد سنتين تسعى للفوز به و هى فى حالة حرب ، لذلك من مصلحتها أن تنهى هذه الحرب فى القريب العاجل حتى تستطيع ان تتعامل مع تداعيتها بشكل كافى لا يؤثر على الإنتخابات المقبلة .
سادسا ) الإنتخابات الرئاسية المصرية العام القادم ( 2011 ) تعتبر عامل حيوى لتسريع وتيرة الحرب ، فالنظام المصرى الحالى يعتبر حليف مثالى قلّما يجود زمان بمثله ! ، و بالتالى تصبح المخاطرة على المجهول أمر لا تحمد عقباه ، فعصفور فى اليد خير من ( جمال ) أو غيره على الشجرة ، لذلك من الأهمية بمكان أن تتم الحرب هذا الصيف القادم للأسباب السالف ذكرها .
هناك بالطبع اسباب أخرى لا يتسع المقام لذكرها هنا منها قيام إسرائيل حاليا بتوزيع الأقنعة الواقية للغاز على مواطنيها وغيره من إستعدادت ما قبل الحرب، إن الواجب الذى يجب أن نشغل أنفسنا جميعا به الآن هو ما العمل ؟ وهل سوف نظل مفعولا بنا لا فاعلين ؟! ، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد .
* كاتب و باحث

السبت، ٢٠ فبراير ٢٠١٠

بوكو حرام .. حلال !!


بوكو حرام .. حلال !!

د. ممدوح المنير 


نشر فى : اخوان اون لاين ، بر مصر ، صحيفة الأمان اللبنانية ، نافذة مصر




لم تكن مشاهد القتل الوحشى التى يمارسها الجيش النيجيرى بحق المدنيين العزل و التى بثتها قناة الجزيرة سوى عملية
( كشف ) عن الشق الغاطس من الأزمة الكبيرة التى تعيشها نيجيريا عامة و الأغلبية المسلمة خاصة .
و حتى تتضح ملامح الأزمة الحالية دعونا نسترجع الماضى القريب و البعيد ، لعل و عسى أن نفهم حقيقة ما يحدث هناك .
دخل الإسلام نيجيريا فى أوائل القرن العاشر الميلادى على يد فقهاء الأندلس ، وقامت قبائل الهوسا التى تنتشر قى الشمال الغربى الأفريقي بدور كبير فى نشر الإسلام هناك و خاصة فى شمال و وسط نيجيريا ، حتى تكونت فى عام 1804 م
(( خلافة سوكوتو )) قادها عثمان دانفودو و التى وحد بها شمال نيجيريا بكامله تحت رايته و حكّم الشريعة الإسلامية فى جل شئون الخلافة الإسلامية الجديدة واستقر لها الأمر بشكل كبير فى عام 1893 م .
فى حين ظل الجنوب يمثل المسيحيون فيه نسبة كبيرة من مجمل السكان وإن كان المسلمين لهم تواجد هناك و لكنه أقل عددا ( تعداد السكان حاليا 150 مليون نسمة يمثل المسلمون منهم أكثر من 65 % ) .
ثم كانت الطامة الكبرى و التى نشأت بمقدم الإحتلال البريطانى فى عام ( 1900 ) ، ليعيث فسادا و بطشا فى الدولة الإسلامية الناشئة حتى إنتهى به الأمر بإحلال القوانين البريطانية محل الشريعة الإسلامية فى كافة المعاملات حتى تحولت الشريعة إلى شىء من التراث بنهاية الإحتلال !! .
بعد ذلك حرص الإحتلال البريطانى - عندما أوشك على الرحيل ( 1960 ) - على إعطاء المسيحيون نفوذ كبير فى البلاد إلى حد جعل رئيس الدولة مسيحى يحكم أغلبية مسلمة !! ، و لك أن تتخيل حجم النفوذ المسيحى فى كافة مؤسسات الدولة إذا كان الرئيس ذاته مسيحى .
ظلت أوضاع المسلمين فى نيجيريا تتجه للأسوء ، نتيجة المصادمات العنيفة التى كانت تحدث بين الدولة و المواطنين المسلمين الذى يطالبون بحقوقهم المسلبوه سواء فى إدارة الدولة أو فى الخدمات المقدمة لهم فضلا عن تحكيم الشريعة الإسلامية ، كما فاقم من حدة التوترات وجود ( 250 ) قومية و عرقية و قبيلة يغلب على الكثير منها الإنتماء القبلى والعرقى عن الإنتماء للدوله ككل .
بعد ذلك حدث تغير نوعى عام 1999 م بانتقال الحكم من العسكر إلى المدنيين و بدأ تطبيق القانون الفيدرالى و الذى يقضى بالسماح للولايات بتطبيق القوانين الخاصة بها مما سمح للولايات الشمالية بالبدأ فورا فى تطبيق الشريعة الإسلامية حتى أصبحت هى القانون الأساسى لجّل الولايات الشمالية تقريبا ( أكثر من 12 ولاية شمالية طبقت الشريعة ) ، مما أثار حفيظة المسيحيين خشية أن تمتد المطالبات بتطبيق الشريعة إلى الولايات ذات الثقل النسبى للمسيحيين بها ودارت مواجهات دامية بين الطرفين .
لم تكن الأسباب الدينية أو القبلية فحسب هى المسببة للتوتر ، و لكن الفساد الهائل المستشرى فى كافة مؤسسات الدولة والذى جعلها من أكثر دول العالم فسادا واحتكارا للثروة و السلطة فى يد فئة محددودة للغاية ، أضف إلى ذلك الفقر الشديد و المدقع لأغلب السكان ( أكثر 100 مليون نسمة تحت خط الفقر !! ) رغم أن نيجيريا هى أكبر منتج و مصدر للنفط فى أفريقيا !! بل تعد مصدرا أساسيا و حيويا للنفط للدول الكبرى مثل الولايات المتحدة و بريطانيا وهذا أيضا جعلها ساحة لصراعات و تدخلات الدول الكبرى للسيطر على النفط بها .
كان طبيعيا إذن أن تنشأ جماعة مثل بوكو حرام ( Boko Haram ) – معناه بلغة الهوسا ( تحريم التربية الغربية )وسط هذه الأجواء من الفقر و الجهل و الصراعات الطائفية و القبلية و الفساد المستشرى ، فمعظم أفرادها طلبة لم يتسنى لهم إكمال تعليمهم حتى لقبوا بطالبان نيجيريا !! و هى جماعة ترفض قيم الحضارية الغربية التى يراد فرضها على اهالى نيجيريا خاصة فى الولايات المسلمة و تسعى لمحاربة الغزو الثقافى الغربى الذى يضغط بشدة على المجتمع النيجيرى ومع حدة الجذب الطائفى و اشتداد حملات التنصير بشكل صريح لحد تعليق لافتات فى شوارع المدن ذات الأغلبية المسلمة تدعو للتنصير المباشر ، تحركت بوكو حرام محاولة فرض الشريعة الإسلامية كما تراها هى ، فبدأت فى مهاجمة مقرات الشرطة و الإشتباك مع السلطات فحدثت مصادمات دامية خسر فيها الجميع بوكوحرام و الدولة و المواطنين الذين قتلوا بلا ذنب أو جريرة .
قد تكون المبررات التى انطلقت منها الجماعة لها وجاهتها من شدة الفساد و الإستبداد و الفقر و المرض و التنصير و التغريب ، لكن المؤكد أن أسلوب الصدام مع الدولة بهذا الشكل ، ليس له سند من عقل أو شرع أو منطق فهى مواجهة خاسرة بكل تأكيد .
على الطرف الآخر تعتبر ما قامت به السلطات النيجيرية من جرائم القتل بدم بارد بحق أعضاء الجماعة دون تفكير فى الدخول معها فى حوار و دون محاكمات دليل على حجم الإستبداد و الطغيان الجاثم على صدور المجتمع النيجيرى ، مما يزيد من إحتمالات تسارع و تيرة العنف هناك ، خاصة بعد إعلان بوكوحرام إنضمامها لتنظيم القاعدة ، مما يجعلها مستباحة تماما من قبل الجميع السلطة و المجتمع و الدول الكبرى .
يبقى الحل فى تدخل العقلاء هناك أصحاب المنهج الإسلامى الوسطى مثل جماعة تعاون المسلمين ( إخوان مسلمون ) فى محاولة لرأب الصدع بين الطرفين بمطالبة السلطة هناك بالتوقف عن جرائمها فى حق المواطنين و بوكوحرام بمحاولة تصحيح الفكر المتطرف المسيطر عليها .
أكثر ما يحزن المرأ أن ما يحدث فى نيجيريا هو مشهد مما تحياه الأمة جميعا نفس السيناريو والإنتاج و المشاهد بل حتى نفس الأبطال ربما الفرق الوحيد هو الضحية و مكان التصوير !! ، قد يكون المكان فلسطين ، العراق ، أفغانستان ، اليمن الخ ... فمتى نفيق من ثباتنا العميق ؟!!

الأربعاء، ٣ فبراير ٢٠١٠

العقل الأمريكى كيف يفكر ؟

العقل الأمريكى كيف يفكر ؟

نشر فى: بر مصر ، نافذه مصر




يذهب كثير من الباحثين إلى أن الولايات المتحدة المريكية ( تغيرت ) بعد الحادى عشر من سبتمبر ، بل يذهب البعض لتقسيم العالم تاريخيا إلى ما قبل الحادى عشر من سبتمبر و ما بعده ، للتدليل على مدى تأثير الحدث فى الولايات المتحدة و مدى ( تأثرنا ) به . لذلك حتى نفهم جيدا الرؤية الاستراتيجية الأمريكية للعالم، بشكل عام، وللعالم العربي بشكل خاص، لابد من الإشارة إلى ملاحظة مهمة، أكد عليها الكثير من المتخصصين ، وعلى رأسهم عالم السياسة الأمريكي “هانز مورجنتاو” و التى تقول (( أن مفهوم الهيمنة والسيطرة على العالم، والذي يعكس في باطنه شعورا دفينا بالتميز والتفوق الحضاري والثقافي” كان المحرك الرئيسي للسياسة الخارجية الأمريكية، وأن هذا المفهوم يعد المفتاح الرئيسي، لفهم السياسة الخارجية الأمريكية منذ نشأة الولايات المتحدة الأمريكية وحتى الآن )) . نما هذا الشعور بالتفوق و التميز الحضارى عقب الحرب العالمية الثانية و خروج الولايات المتحدة منها كقوى عظمى ، ضمن قطبين مع الإتحاد السوفيتى ، ثم سعيها الدائم و الدؤوب للتخلص منه هذا حتى ( تتفرد ) بالتميز و الإستعلاء الحضارى حتى تحقق ذلك بالفعل فى مطلع التسعينات بإنهيار الإتحاد السوفيتى ، فأصبح العالم كله بالنسبة لها منطقة نفوذ يحق لها وحدها أن تتدخل فيه . إستراتيجية المشروع فى رأيى أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتغير بعد الحادى عشر من سبتمبر كما يحلو للبعض ان يقول ، و لكنها أرادت لنا أن نتغير نحن لا هى !! ، فرؤية الولايات المتحدة لذاتها و للآخر لا تتشكل وفق تصنيفات عرقية أو إثنية أو دينية أو تبعا لسياسية رد الفعل ، و إنما من خلال معايير موضوعية موحدة و ثابتة لدورها وأهدافها و مصالحها فى العالم ، بمعنى أن الولايات المتحدة حين تتعامل مع ( الآخر ) فإنها تتعامل معه من خلال مدى تفهمه لتلك الرؤية و مدى تحقيقه لأهدافها و مصالحها. من خلال فهم ( السيكولوجية – الإستراتيجية ) نستطيع أن نفهم كيف تدير الولايات المتحدة ( مشروعها ) ، فالولايات المتحدة مثلا لم تجد غضاضة فى التعامل مع إخوان العراق رغم كونهم ( إخوان مسلمين ) ، و لكنها تعاملت معهم وفق كونهم يحققون مصلحة مباشر لها فى حينها من خلال إضفاء المشروعية على حكومة بريمر وقتها و الحكومات الأخرى لاحقا ، فى حين أنها لا تتعامل مع ( حماس ) وتسعى لتصفيتها لأن وجودها يتعارض مع ( مصلحة ) مباشرة لها. مثال آخر ، فى الحقبة السوفيتية كان الإتحاد السوفيتى ( الشيوعى ) العدو اللدود لأنه كان يتعارض مع رؤية الولايات المتحدة لذاتها كإمبراطورية عالمية، فى حين أن تعاملها مع الصين ( الشيوعى كذلك ) كان و لا زال ودودا للغاية - رغم توجسها منه - إذا ما قورن بالإتحاد السوفيتى . مثال ثالث ، رعت الولايات المتحدة الكثير من الأنظمة العربية الدكتاتورية وقدمت لهم العون بحيث أصبح إستمرارهم مرتبط بتواصل دعمها لهم ، فى حين أنها حاربت ديمقراطية ( فنزويلا ) و تقاطعت تماما مع الديمقراطية التى جاءت بحماس أو الإخوان فى مصر ، و على نقيض ذلك قبلت بديمقراطية تركيا و تعاملت معها لأنها شكلت توافقا مع مصالحها فى حينها. ما نريد أن نقوله هنا هو أن الولايات المتحدة فى تعاملنا معها لا بد أن ندرك أن محددات العلاقة هى ( الإمبراطورية - المصلحة ) لا ( المبدأ – القيم ) قد يختلف معى البعض فى هذا الطرح ، على ضوء المتغيرات الواقعة على الأرض بين حقبة بوش و حقبة أوباما ، لكن الواقع أنه إختلاف فى ( الآلية ) و ليس (الإستراتيجية ) ، فحقبة بوش مثّلت ( الأسلوب الخش ) فى حين أن حقبة أوباما أريد لها أن تمثل ( الأسلوب الناعم ) فى تحقيق الإستراتيجية و تحسين صورة ( البطل) الأمريكى فالتغيير كان فى ( السيناريو و الإخراج ) لا الفكرة ذاتها ، فهل من متعظ ؟!.

من يضرّ حقا بالأمن القومي المصري ؟!

من يضرّ حقا بالأمن القومي المصري ؟!


بقلم / د ممدوح المنير

نشر فى : المركز الفلسطينى للإعلام ، بر مصر ، نافذه مصر


كلما يحاول المرأ أن يستوعب الموقف المصرى المخزى مما يحدث فى قطاع غزة ، كلما فاجئه النظام المصرى بموقف أكثرا سوءا من سابقه ، بحيث لم يعد المرأ يستغرب أن يستيقظ ذات صباح على خبر أن مصر تقصف قطاع غزة بالقنابل و الصواريخ !! ، هذا فقط هو الباقى من سجل الخزى و صفحات العار التى يجب على مصر أن تكملها لتكون معبرة بحق عن فصل من فصول التاريخ السوداء فى تاريخ هذه الأمة المنكوبة .
يدرك النظام المصرى جيدا أن الأنفاق هى المتنفس الوحيد لقطاع غزة التى يحصلوا من خلالها على المأكل و المشرب و الكساء و الدواء ، لكنه يصر رغم ذلك على إقامته فى تحد واضح لكل الأعراف و القوانين الدولية و على أبسط أبجديات الأخلاق و حقوق الإنسان تحت حجة حماية الأمن القومى المصرى .
وهى الحجة التى سرعان ما تسقط أمام أى قارىء موضوعى للأحداث ، فبقاء الحدود مفتوحة مع قطاع غزة ، بل حتى دعمها و تقوية بنيانها هو الضمان الأول للحفاظ على الأمن القومى المصرى كيف ؟
أولا : يعتبر قطاع غزة و فى القلب منه حركة حماس هو حائط الصد الأول ضد المشروع الصهيونى التوسعى الذى يستهدف التمدد من النيل للفرات و لا يزال يعلق هذه الخريطة ( إسرائيل الكبرى ) فى الكنيست الإسرائيلى ، خاصة و أن سيناء خالية من وجود معتبر للقوات المسلحة المصرية ( 700 ) جندى فقط لا غير على الحدود .
ثانيا : يعتبر إستقرار ألأوضاع فى قطاع غزة عامل إستقرار للأوضاع داخل مصر و هذا من أبجديات الأمن القومى ، فعلى مدار التاريخ ، كان ما يحدث فى فلسطين هو المحرك للكثير من الفعاليات و التظاهرات بل حتى المقاومة المسلحة داخل مصر و هذا لا يريح أى نظام للحكم يرغب فى أن يشعر بأن الشأن الداخلى مستقر و لا يعانى من أى قلاقل أو إضطرابات ،
لذلك من مصلحة النظام المصرى أن ( تستقر ) غزة .
ثالثا : إنصياع الحكومة المصرية للإرادة الإسرائيلية الأمريكية ، يجعل القرار المصرى مرتهن بالقرار الأمريكى الإسرائيلى الذى نعلم جيدا أنه لا تحركه سوى مصلحته الخاصة التى لا تتفق بأى حال من الأحوال مع مواقفنا القومية أو الداخلية .
رابعا : الموقف المصرى الحالى يزيد من حجم العداء ( الشعبى ) للدولة المصرية داخل مصر و خارجها مما يزيد بالتالى من حجم العداء للنظام ، بل ربما يساعد الموقف المصرى من قطاع غزة على نمو الفكر التكفيرى المسلح من جديد ، و الذى عانت مصر من ويلاته فى تسعينيات القرن الماضى .
خامسا : يضر الموقف المصرى المخزى كثيرا بصورة مصر امام دول العالم و الدعوات بالتظاهر أمام السفارات المصرية فى الخارج و مقاطعة البضائع المصرية ليس منّا ببعيد .
سادسا : يقزم بناء الجدار من الدور المصرى و يجعله فى نظر الكثيرين تابع و ليس متبوع مما يقلل من الوزن الإستراتيجى للدولة و يضعف من هيبتها و موقف دول حوض النيل و تجرئها على مصر ليس خافيا على أحد .
سابعا : قد يتسبب بناء الجدار فى غليان الأوضاع داخل القطاع نتيجة النقص الحاد فى الإحتياجات الأساسية مما قد يدفع بأهالى القطاع بإختراق الحدود المصرية مجبرين لتوفير لقمة العيش أو قارورة الدواء ، مما قد يفجّر الموقف من جديد على الحدود .
ثامنا : يقضى بناء الجدار من قبل النظام المصرى على كونها وسيط محايد بينها و بين الفصائل و خاصة فتح و يجعل منها خصم لا لحماس فحسب و لكن للشعب الفلسطينى كله .
تاسعا : بناء الجدار يعرض النظام المصرى للملاحقة القانونية الدولية و خاصة أن بناء الجدار يتصادم مع أبجديات القانون الدولى كما يقول المختصون .
عاشرا : بناء الجدار يوصل رسالة غاية فى الخطورة ، فالجدار سوف يستغرق بناءه شهورا طويلا ، مما يعنى أن مصر تتعامل مع غزة و حكومة حماس على أنها ( مشكلة ) غير قابله للحل !! ، و إلا إذا كانت مصر تسعى لحل الأزمة كما تتدعى فما الحاجة لبناء جدار بمئات الملايين من الولارات قد لا يصبح له قيمة أو ضرورة إذا حلت المشكلة بين فتح و حماس ؟!! ، إذا بناء الجدار يوصل رسالة مفادها أن الجدار وجد ليبقى و يبقى معه الشرخ الفلسطينى بين فتح و حماس !! ، و بالتالى يصبح التساؤل المشروع هنا ،هل مصر تسعى حقا لحل المشكلة أم لتعميقها ؟! .
أما التساؤل الأخير ، فمن حقا يضر بالأمن القومى المصرى حركة حماس أم النظام المصرى ؟!!

رجل المستحيل !!.. بقلم/ د. ممدوح المنير

رجل المستحيل !!

بقلم / د ممدوح المنير

نشر فى : المركز الفلسطينى للإعلام ، الشعب ، اخوان اون لاين ، بر مصر ، نافذه مصر

فى البداية أقدم إعتذارى لصاحب سلسلة رجل المستحيل الروائية لإقتباس إسم المقال من عنوان سلسلته ، لكن الرجل الذى أتحدث عنه اليوم لم يكن أسطورة كبطل الرواية و لكنه رجل حقيقى من لحم ودم و روح ، هو صانع المستحيل بلا مبالغة بل هو سيّد المستحيل إن جاز التعبير .

صباح يوم الجمعة الموافق الخامس من يناير 1996 سيظل دائما حاضرا فى ذاكرة التاريخ الفلسطينى و العربى والإسلامى بل العالم أجمع لأن هناك الكثير من البشر يعيشون فى هذه الحياة و هم أموات وآخرون بباطن الأرض ولكنهم أحياء .

تعود المرأ حين يكتب عن سيرة إنسان عظيم أن يطبع كلامه بطابع الحزن على ألم الفراق و لكن لا أدرى ربما كان الثعلب هو الرجل الوحيد الذى يكتب عنه المرأ و هو يشعر بالنشوة و الفرح !! ، بل ينتابه شعور مفرط بالحماسة و الأمل !!.

أعلم أن مقدمة المقال قد تكون طويلة بعض الشىء و لكن طبيعة الرجل الذى فى حضرتنا الآن تقتضى تلك التهيئة النفسية للقارىء فرجل مثل يحيى عياش يجب أن يقدم طويلا سواء كان حيا أم شهيدا .

لم تكن صفات مثل ( الثعلب ، العبقري ، الرجل ذو الألف وجه ، الأستاذ ، المهندس ، أبو القنبلة البشرية ) لم تكن هذه النعوت و الصفات مما جادت به قريحة محب و لكنها من إعداد و إخراج العدو نفسه !! ، نعم كانت قيادات الجيش الإسرائيلى معجبة أشد الإعجاب بعدوها الأول كما كانوا يطلقون عليه ، حتى قال عنه أحد قادتهم "إنه لمن دواعي الأسف أن أجد نفسي مضطرا للاعتراف بإعجابي وتقديري بهذا الرجل الذي يبرهن على قدرات وخبرات فائقة في تنفيذ المهام الموكلة إليه، وعلى روح مبادرة عالية وقدرة على البقاء وتجديد النشاط دون انقطاع" !.

وُلِد يحيى عيَّاش في السادس من مارس 1966، في قرية "رافات" جنوب غرب مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة . ، كان معروف عنه دقة حفظه و ذكاءه الحاد هذا مع هدوءه و خجله الشديد و لكنه على ما يبدو كان الهدوء الذى يسبق العاصفة !!.

حفظ القرآن الكريم في السادسة من عمره، و تخرج من الثانوية العامة بتقدير 93% تقريبا ، إلتحق بجامعة بيرزيت وتخرج من كلية الهندسة قسم الهندسة الكهربائية في العام 1988 ، و لكنه نبغ كذلك فى الكيمياء ، حاول بعد تخرجه السفر إلى الأردن لإتمام دراسته العليا، ورفض الاحتلال طلبه، وعلق على ذلك "يعكوف بيرس" رئيس المخابرات حينها قائلاً: "لو كنا نعلم أن المهندس سيفعل ما فعل لأعطيناه تصريحًا بالإضافة إلى مليون دولار" !!.

تزوَّج المهندس بعد تخرجه من ابنة عمته، ورزقه الله البراء و يحيى و عبداللطيف.

إنضم المهندس مبكرا للحركة الإسلامية فى فلسطين حتى أعلن تأسيس حركة حماس – 1987 م - القوة الضاربة لجماعة الإخوان المسلمين فى فلسطين ، كما يقول موقع الحركة على الإنترنت ، طلب المهندس فى رسالة كتبها لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكرى لحماس الإنضمام للكتائب ووضح لهم خطته فى تنفيذ عمليات نوعية ستقلب كيان العدو الإسرائيلى و سرعان ما انضم للكتائب حتى اصبح فارسها الأول بلا منازع .

أشرف المهندس منذ البداية على تنفيذ العمليات الإستشهادية فى الذكرى الأولى لمذبحة الحرم الإبراهيمى فى فبراير 1994، حيث فجَّر الاستشهادي "رائد زكارنة" حقيبة المهندس في مدينة العفولة؛ ليمزق معه ثمانية من الصهاينة ويصيب العشرات.

وبعد أسبوع تقريبًا فجَّر "عمار العمارنة" نفسه؛ لتسقط خمس جثث أخرى من القتلة.

وبعد أقل من شهر عجَّل جيش الاحتلال الانسحاب من غزة، وتتوالى صفوف الاستشهاديين لتبلغ خسائر العدو في العمليات التى أشرف عليها المهندس حينها 76 صهيونيًّا، و400 جريح.

جن جنون العدو الإسرائيلى من عمليات المهندس الإستشهادية حتى قال عنه رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك إسحق رابين: " أخشى أن يكون عياش جالسًا بيننا في الكنيست". وقوله أيضًا: "لا أشك أن المهندس يمتلك قدرات خارقة لا يملكها غيره، وإن استمرار وجوده طليقًا يمثل خطرًا واضحًا على أمن إسرائيل واستقرارها" أما "موشيه شاحاك" وزير الأمن الداخلي الصهيوني السابق فقال عنه : "لا أستطيع أن أصف المهندس يحيى عيَّاش إلا بالمعجزة؛ فدولة إسرائيل بكافة أجهزتها لا تستطيع أن تضع حدًّا لعملياته التخريبية".

و أصبح كذلك النجم الأول فى كافة وسائل الإعلام الإسرائيلية و أصبح يتصدر الصفحات الأول تحت عنوان "اعرف عدوك رقم 1 .. يحيى عيَّاش" و تحتها صور مختلفة له ، لأن المهندس كان معروفا عنه أنه يملك قدرة خرافية على التنكر لذلك أطلقوا عليه ( صاحب الألف وجه) .

أصبح المهندس المطارد رقم واحد فى إسرائيل لأكثر من ثلاث سنوات حيث كان لا يستطيع البقاء أكثر من ساعات معدودة فى المكان الواحد ، قام العدو الإسرائيلى بتجنيد مئات العملاء للتتبع حركته واصطياده و لكنه كان دائما يفلت بعون الله حتى حان موعد لقاءه بربه و فى عملية معقدة و خسيسة في بيت لاهيا شمال قطاع غزة بتاريخ 5 / يناير 1996 إنفجر هاتف نقال فى رأسه و هو يتحدث مع والده و يسقط شهيدا و لكن بعد أن ترك خلفه مئات التلاميذ الذين أصبحوا الآن أساتذة كبار فى العبقرية والصمود و التحدى .

بعد هذه الإطلالة السريعة والواجبة على حياة هذا المجاهد العظيم تبقى كلمة لا بد منها ما الذى خلق من هذا الإنسان الذى كان يوصف بالخجل و الهدوء الشديد ، هذا القائد الفذ ؟ ، أترك الإجابة لأحد الباحثين الإسرائيليين الذين كتبوا عن المهندس- فالحق ما شهدت به الأعداء - حيث يقول (إن المشكلة في البيئة العقائدية الأصولية التي يتنفس المهندس من رئتها ، فهي التي تفرز ظاهرة المهندس وظاهرة الرجال المستعدين للموت في سبيل عقيدتهم) إنه الإسلام و لا شىء غيره ، هو المحضن الطبيعى لإيجاد هؤلاء البناءين العظام ، إنها رسالة موجزة للحكام و الشعوب إذا أرادوا الرفعة بين الأمم ، عليهم أن يعودوا إلى ربهم و ينصلحوا معه حتى يصلح الله حالهم ، أما يحيى عياش فلا نملك إلا أن نقول له سلام عليك ألف سلام

خطايا الإخوان ( 2 – 2 ) !!

خطايا الإخوان ( 2 – 2 ) !!

بقلم / د ممدوح المنير

نشر فى : اخوان اون لاين ، بر مصر

نحاول من خلال هذا الطرح الذى بدأناه فى المقال السابق أن نجيب عن السؤال التالى لماذا يبدو أمام عين المتابع أن جماعة الإخوان المسلمين تتعرض بشكل مستمر لإنتقادات ( كثيرة ) و ( قاسية ) من قبل وسائل الإعلام بمختلف إتجاهاتها ، و خلصنا فى المقال السابق لنتيجة مفادها أن كل وسائل الإعلام تقريبا المقروؤة و المسموعة و المرئية تختلف فكريا مع جماعة الإخوان ، فى حين لا يسمح النظام المصرى أو حتى العالمى بوجود و سيلة إعلامية إخوانية أو حتى إسلامية بالمطلق تهتم بالشأن العام أو السياسة بالأساس ، نعم قد يسمح النظام بوجود فضائية إسلامية أو صحيفة كذلك و لكنها تكون فى الأساس وعظية و ليس لها علاقة بالشأن العام أو الإشتباك معه ، اللهم إلا النذر اليسير الذى لا يمكن الإحتجاج به أو القياس عليه .

من الأمور الأخرى التى تظهر الجماعة بشكل سلبى لدى الرأى العام بلا موضوعية ، ما تقوم به بعض وسائل الإعلام فى بعض البرامج من إستدعاء ضيف من الإخوان كممثل للرأى الآخر ، حتى يتسم الحوار بالموضوعية الظاهرة، فى حين يكون الضيف الإخوانى ليس له خبرة فى الوقوف أمام الكاميرات فتجده يصاب بما يعرف ( برهاب الكاميرا ) فتجده رغما عنه فى حالة إرتباك فيشعر المشاهد أن الإرتباك لضعف الحُجة و ليس لرهاب الكاميرا ، فى حين يكون الضيف الآخر محترف و متمرس على مواجهة الجمهور و الكاميرات ، لكن للموضوعية هذا التكتيك لا تستخدمه كافة البرامج ، فهناك برامج تجد الطرفين أكفاء و تجد ندية فى الحوار ، مما يتيح أمام المشاهد أن يقيّم الموقفين بصورة متوازنة .

من الأمور الأخرى التى تسهم بشكل أو بآخر فى ( كثرة ) الإنتقادات التى تتعرض لها الجماعة هى عدم قدرة الجماعة على الإفصاح عن كل ما لديها من طاقات و إمكانيات ، نتيجة للضغوط الأمنية الهائلة التى تتعرض لها ، فتجد البعض مثلا يتهمها بإهمال مشاكل المجتمع الأساسية و عدم إهتمامها بالطبقات الفقيرة ، لكن الجماعة فى واقع الأمر تولى هذا الأمر أهمية بالغة ، لكنها لا تستطيع أن تذكر أرقام أو إحصائيات أو مؤسسات أو أفراد تبين حجم المجهود الهائل فى هذا المجال ، حتى لا يتم تجميده من قبل السلطات و مستشفى الجمعية الطبية الإسلامية المركزي الخيري بالقاهرة و الذى تكلف نحو أربعين مليون جنيه دليل حىّ على ما نقول به و الذى هدم خلال الأيام القليلة الماضية ( 7/ 12/ 2009 ) نظرا لكونه محسوب على الإخوان !! ، تجد هذا الموقف يتكرر فى حالات كثيرة يُهاجم الإخوان فى موضوع ما ، و لا يستطيع الإخوان الدفاع بشكل واضح و صريح عن موقفهم نظرا لتقديرات و حسابات أخرى قد لا يعيها المشاهد أو المتابع فيبدأ فى التجريح أو النقد القاسى للجماعة ، و لا تملك الجماعة سوى الصمت أو الرد العام الذى لا يدخل فى تفاصيل قد تضر أكثر مما تنفع .

أمر أخير هو النقد الذى يوجه للجماعة من داخلها و الذى يعنينى منه هنا هو ما يصل إلى وسائل الإعلام فمنه ما يعتبر نقد ذاتى حين يكون على يد أحد قادتها و رموزها و منه ما يكون فى شكل إتهام يصل إلى حد التجريح ، النوع الأول لا تعقيب لى عليه فهو مطلوب و مرغوب ، أم ما يشتمل على تجريح ، فعلى الرغم من أنّ حسن النصيحة لا يقتضى التجريح و الإتهام بغير دليل أو بينة ، لكن لنفترض جدلا صحة هذا النقد القاسى ، أليس من الأمانة فى النقد أن يعرف الناقد أن المنقود – الإخوان – سوف يحظون بنفس فرصة الناقد فى الرد عليه ؟! .

فكثيرا ما يحدث و هذا هو الغالب الأعم أن من ينتقد الإخوان و خاصة إذا كان محسوبا عليهم ، تفتح له أبواب الصحف و الفضائيات الخاصة منها و الرسمية على مصراعيها و تصبح كلماته عناوين رئيسية فى مانشيتات الصحف و إتهاماته للجماعة الخبر الرئيسى فى برامج التوك شو !! ، فى حين لا تتاح للإخوان الفرصة و بقدر من التساوى فى الرد على هذه الإتهامات .

فعادة لا تنشر الصحف أو الفضائيات رد الإخوان على هذه الإتهامات إلا النذر اليسير من الصحف و البرامج المحترمة التى تعد على أصابع اليد الواحدة .

لذلك أرى أن من الأمانة أن من يفكر فى إنتقاد الجماعة و هذا حقه الذى لا تسريب عليه ، أن يفكر أولا هل ستتاح للجماعة نفس الفرصة و بنفس الحجم فى الرد ؟ ، أم ستستغل فى تشويه الصورة الذهنية للجماعة فقط ؟، بحيث يجد الناقد نفسه قد تحول – دون قصد منه - لمجرد أداة تستخدم فى تشويه صورتها فقط لا غير .

تبقى كلمة أخيرة لا بد منها ، يجب كذلك على مؤسسات الجماعة المختلفة أن تعمل على الرد على كل ما يعنّ من تساؤلات قد تدور فى عقل منتسبيها أو محبيها قدر المستطاع ، و من النماذج الطيبة التى تستحق أن تحتذى فى هذا المجال حركة حماس الصامدة الصابرة ، فلا تجد إتهاما أو نقدا تلوكه الألسنة عنها ، إلا و تجد الرد الفورى عليه دون إبطاء ، فتموت الفتن فى مهدها ، لذلك أتمنى على الجماعة الأم أن تجد لنفسها الآلية ( السريعة ) التى تتناسب مع حجمها و مكانتها فى الرد على الإتهامات التى تواجهها ، هذا و الله أعلم

خطايا الإخوان!! ( 1 – 2 )

خطايا الإخوان!! ( 1 – 2 )
بقلم / د ممدوح المنير شر فى: نافذة مصر إخوان أون لاين بر مصر

كثيرة هى الإنتقادات التى تتعرض لها جماعة الإخوان المسلمين بين الفينة و الأخرى ، و هذه الإنتقادات تتفاوت فى حدة إتهاماتها بين الخطأ و الخطيئة ، و بين قائليها بين الإعتدال و التطرف فى النقد ، حتى أصبح المرأ لا يجد و سيلة إعلامية مقروؤة أو مسموعة أو مرئية لا يكون إنتقاد الإخوان خبزها اليومى سواء فى العناوين الرئيسية أو الفرعية أو تحليلات كتابها ، و هذا فى حد ذاته دليل معبر عن حيوية الحركة ، إن لم يعنى بالضرورة دليل صحة أو خطأ . لكنّ الملاحظ أن جانب النقد السلبى الموجه للجماعة يزيد كثيرا عن جانب النقد الإيجابى أو البنّاء الذى تقابل به مجمل مواقفها ، كما يلاحظ كذلك أن أسلوب النقد الموجه يتصف بالحدة الشديدة و التى تحول الخطأ – إن صحّ – إلى خطيئة ، و الصغيرة إلى كبيرة !! ، مما يسهم بشكل كبير فى تشويه الصورة العامة للجماعة سواء قصد صاحب النقد ذلك أو لم يقصد . و التساؤل الذى يطرح نفسه هنا ، هل هذه الكثرة فى الإنتقادات السلبية ، دليل حقيقى على تعثر و تخبط و كثرة أخطاء الجماعة أم ماذا ؟ . و حتى نستطيع أن نجيب عن هذا التساؤل ، يجب علينا بداهة أن نفرق بداية بين أمرين : أولا : أن ( حدوث ) الخطأ أمر حتمى و بديهى ، بل هو سنة من سنن الله فى الكون ، فليس محور حديثى هنا هو هل يخطىء الإخوان أم لا ؟! ، لأن الإجابة الحتمية و المنطقية على هذا التساؤل هو نعم بكل تأكيد ، ومن ينكر ذلك فهو شخص قد أعماه التعصب ، بل لعلى لا أكون متجاوزا إذا قلت أن لديه خلل فى الإيمان إن إعتقد أن الإخوان لا يخطئون . ثانيا : مدى ( صحة ) الخطأ ، أو بمعنى آخر هل إعتبار موقف الإخوان من قضية ما خاطئاَ ، يعنى بالضرورة صحة هذا الموقف ؟ بالطبع لا ، لأنه أيضا من سنن الله فى كونه أنه يستحيل أن يجتمع ( الجميع ) على رأى واحد ، فنحن لسنا جميعا على مستوى واحد من التعليم أو الثقافة أو الفكر أو التجربة أو الخبرة أو حتى النضج ، بل إننا كبشر إختلفنا كذلك فى الحقيقة المطلقة الكبرى فى هذا الكون ألا و هى ( الله ) فمنهم من أنكر و جوده رغم أنه هو الذى أوجده ! و منهم من أقر بوجوده و لم يقر بوحدانيته بل جعل له شركاء ، و منهم من جعله بشرا ! ، ومنهم من جعله حجارة ! ... إلخ . فإذا كانوا قد ( إختلفوا ) حول الله ، أيتفقون إذن على الإخوان أو مواقفهم صحة أو خطأ ؟! ، إذن يجب أن يدرك كل مهتم بالشأن الإخوانى سلبا أو إيجابا أن رأيه مهما بلغت وجاهته بالنسبة إليه ، فهو رأى يحتمل الصواب ، بالقدر الذى يحتمل به الخطأ . يبقى التساؤل الأساسى الذى طرحناه هل ( كثرة ) النقد السلبى للجماعة دليل حقيقى على تخبط الجماعة ؟ فى الحقيقة أعتقد أن الإجابة التى أقتنع بها شخصيا هى ( لا ) بكل تأكيد ، لماذا ؟ لأن جماعة الإخوان المسلمين نتيجة أنها تعمل فى بيئة عمل ( رسمية ) رافضه لها بالمطلق سواء داخل مصر أو خارجها ، أصبحت تعانى من ( ندرة ) المنابر الإعلامية التى تعبر بها عن مواقفها أو تدافع عنها ، فى حين تتوافر لمنتقديها ( مئات إن لم يكن آلاف المنابر ) الإعلامية القوية التى تهاجم الجماعة ، فالجماعة الأم فى مصر على سبيل المثال لا توجد صحيفة أو قناة فضائية أو إذاعية تعبر عنها أو عن مواقفها ، و هذا بالطبع هدفه الحفاظ على الصورة الذهنية السلبية عن الإخوان فى عقول المواطنين . طبعا الصورة ليست بهذه السوداوية ، فهناك ( بعض ) الإختراقات ! التى ينجح فيها الإخوان فى التعبير عن مواقفهم من خلال هذه المنابر و لكن يظل هذا هو الإستثناء و ليس الأصل ، بل لعلى لا أكون مبالغا إذا قلت أن هذه الإختراقات – إن صح التعبير – تكون بغرض ( الإيحاء ) بالموضوعية من قبل الوسيلة الإعلامية ، كيف ؟ بالمثال يتضح المقال ، أذكر أن المهندس سعد الحسينى النائب بالبرلمان المصرى و عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان قد حكى لى أحد هذه المواقف حين تلقى دعوة بأن يكون ضيفا على أحد برامج التوك شو الشهيرة فى مصر و الوطن العربى ، قال لى ما إن وصلت إلى الإستوديو حتى فوجئت بمقدمة البرنامج تقول له نصا ( أنا سوف أظلمك اليوم فى الحلقة !! ) بمعنى لن تتيح له فرصة كافية للرد على الإتهامات ، و فعلا لم تعطه الكلمة مثل باقى الضيوف بل تعمد المخرج تغييب صورته و صوته عن المشاهدين حتى لا تبدو إحتجاجاته من منعه من الرد ، بحيث تبدو الصورة أمام المشاهد كالتالى البرنامج موضوعى لأن هناك الرأى و الرأى الآخر ، لكن موقف ممثل الإخوان ( ضعيف ) لأنه لم يستطع الرد على الإتهامات !!) . أمر آخر يلاحظه أى مهتم بالشأن الإعلامى حين يجد أنه لا يوجد منبر إعلامى إسلامى و ليس إخوانى فحسب يهتم بالشأن العام أو السياسة – عدا الإنترنت - فى حين أن الأغلبية الساحقة من وسائل الإعلام تجدها إما علمانية التوجه أو ليبرالية أو حزبية أو نحوه ، بالطبع هناك عدد من الكتاب المحترمين الذى يتصفون بالموضوعية و الحياد فى هذه المنابر ، لكنه حياد من وجهة نظر صاحبه الذى يختلف معها فكريا و إن إتفق معها تكتيكيا ، ما أقصده هنا أن الإخوان يظلون حتى مع و جود هؤلاء الكتاب المحترمين فى عوز شديد إلى منابر إعلامية تمكنهم من التواصل مع الجماهير و هو خط أحمر يحرص النظام المصرى على عدم تجاوزه . بالتالى تصبح المحصلة النهائية التى تصل إلى ذهن المشاهد أن هناك عشرات و مئات المنابر الإعلامية التى تهاجم الإخوان ، مما يرسخ فى العقل فكرة مفادها أن هناك رفض كبير لمواقف الجماعة ، و تتحول بقدرة قادر أخطاء الإخوان - إن صحت - إلى خطايا كبرى مع كثرة الإلحاح المتواصل و المركز على عقل المشاهد . لكن هل هذه هى فقط الأسباب التى تزيد من حجم النقد السلبى للجماعة أم هناك أسباب أخرى ؟ ، هذا ما نحاول الإجابة عنه فى المقال القادم بإذن الله .

* كاتب مصرى

blogger templates | Make Money Online