السبت، ٢٨ نوفمبر ٢٠٠٩

د عمرو الشوبكي و هجومه على الإخوان (3-3

د عمرو الشوبكي و هجومه على الإخوان (3-3
بقلم / د ممدوح المنير ناقشنا فى المقالين السابقين بعض الإتهامات التى وجهها د عمرو الشوبكى للإخوان فى مقاله بالمصرى اليوم ، و فى هذا المقال الختامى نكمل النقاش حول باقى النقاط التى أثارها الكاتب فى مقاله .يمضى بنا الدكتور عمرو الشوبكى قائلا ( لقد تصور «حراس العقيدة والجماعة» من التيار المحافظ أن الأوطان تدار بالأدعية والنوايا الطيبة والشعارات الدينية، وأن العالم يخشى من دعوة الإخوان الربانية، وأن أمريكا لا تجد عدوا فى العالم يهدد مصالحها ومشاريعها أخطر من الإخوان المسلمين ) . مشكلة الدكتور عمرو أنه حين يتكلم عن الإخوان فهو يتكلم وفق مقاييسه و فكره الذى يعتنقه ، و ليس ضمن مقاييس و فكر الإخوان التى إرتضوها لأنفسهم ، فتكون النتيجة أنه يحكم على الإخوان وفق معاييره هو ، التى لم يقل الإخوان أنهم إرتضوها مقياسا لحركتهم و نهجهم ، قد يكون هذا مقبولا من شخص ليس بباحث ، لكن الباحث الموضوعى المستقل حين يناقش قضية ما فيجب عليه أن يلتزم الحياد أولا ، ثم يقيّم الموقف طبقا للقواعد التى ينتهجها المبحوث – الإخوان - و أرتضاها نفسه و هذا ما أغفله الكاتب هنا . فعندما يقول ( لقد تصور حراس العقيدة أن الأوطان تدار بالأدعية و النوايا الطيبة و الشعارات الدينية ) ، أقول له بكل بساطة نعم الأوطان تدار بكل ما قلت- طبقا للفهم الإسلامى - و لكنها تدار بعد النوايا الطيبة و الدعاء بالعمل الجاد و الدؤوب ، بلا كلل و لا ملل وفق رؤية واضحة ، و أعتقد أن الدكتور أول من يعلم أن الإخون يكادوا يكونون الوحيدين الذين يعملون وفق برنامج عمل ، بل إن الجهات الأمنية كثيرا ما تنشر عبر وكلائها فى وسائل الإعلام أن هناك مخططات و برامج عمل تم تحريزها أثناء اعتقالات الإخوان. بل إن القضية المزعومة و التى إنتهت بلا شىء و الخاصة بالتنظيم الدولى للإخوان ، و التى اعتقل بسببها د أسامة نصر عضو مكتب الإرشاد ، كان بصفته المشرف على قسم ( التنمية الإدارية ) بالجماعة !! كما نشرت الصحف ، فقل لى بربك هل يوجد فصيل سياسى فى مصر أو حتى الوطن العربى لديه قسم للتنمية الإدارية يعمل على تطوير العمل الإدارى و تجويده و تهديفه ؟! . ثم يمضى الكاتب فى إلقاء الإتهامات دون دليل واضح أو حتى غير واضح ، حين يقول أن المحافظين فى الجماعة – على حد تعبيره – يعتبرون أن العالم يخشى من دعوة الإخوان الربانية، وأن أمريكا لا تجد عدوا فى العالم يهدد مصالحها ومشاريعها أخطر من الإخوان المسلمين ) و أنا أقول له رغم صيغة المبالغة التى استخدمها الكاتب إلا أن الطرح نفسه فيه الكثير من الصحة . فالعديد من دول الغربية و الأنظمة العربية – و ليس العالم كله كما قال – تخشى بالفعل من الإخوان وتصريحات ليفنى و كونداليزا رايس أثناء الحرب على غزة حول الإخوان ليست منكم ببعيد ، هذا فضلا عن السكوت المريب من قبل هذه الدول على الإنتهاكات التى يتعرض لها الإخوان على يد الإنظمة العربية و التى تبين حجم التواطأ على إقصاء الإخوان من ساحة العمل العام . ثم يمضى بنا الكاتب و يلمز إلى مشاركة الإخوان فى العراق فى العملية السياسية تحت الإحتلال ، و هو فى هذا الطرح يريد أن يوصل فكره مفادها أن الإخوان جماعة برماجاتية تقدم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ، و رغم أننى شخصيا لم أشعر بالكثير من الراحة لمشاركة إخوان العراق فى العملية السياسية إلا إن هناك عدة أمور يجب تسجيلها فى هذا الموضوع : أولا : أن المرشد العام للإخوان حينها أعلن أنه يرفض هذه المشاركة وطالبهم بتوضيح للموقف و لكنه قال رغم رفضه أنه يحترم الإجتهاد الفقهى و السياسى لإخوان العراق. ثانيا : أن الذى شارك فى الحكومة العراقية هو الحزب الإسلامى العراقى و هو لا يمثل إخوان العراق بالمطلق ، و إن كان يحسب عليهم نظرا لوجود عدد من قيادات و أعضاء الإخوان به . ثالثا : قد يصبح موقف إخوان العراق أكثر رفضا إذا كانوا قد تخلوا عن المقاومة ضد الإحتلال ، لكن كل مهتم بالشأن العراقى يعلم جيدا أن من يقود المقاومة السنية فى العراق فريقين هما الإخوان المسلمين و الجماعات المحسوبة على فكر القاعدة . رابعا : تمحور إجتهاد إخوان العراق بالمشاركة على قاعدة إختيار أخف الضررين ، فالعراق دولة متعددة الأعراق و كل طرف له من يسانده و يدعمه – بعد الإحتلال - فالشيعة إيران خلفهم على طول الخط ، فى حين الأكراد يكادوا يكونون دولة مستقلة ، فى حين السنة فى العراق لا توجد دولة تدعمهم . فخاف الإخوان أن تضيع حقوق أهل السنة فى هذه الفوضى و يصيبهم الحيف فشاركوا لمحاولة المحافظة على بعض حقوق أهل السنة و لا يصبحون أقلية فى وطنهم الذى يشكلون فيه الأغلبية ، قد يكون هذا الإجتهاد الذى غلّب المشاركة خطأ و قد يكون صوابا و لكن ليس من الموضوعية سحب هذا الموقف على كافة الإخوان فى العالم أو حتى الجماعة الأم فى مصر . ثم يختم الكاتب مقاله بالحديث على الشأن الدعوى و السياسى و خطأ الجمع بينهما و يقول أن الإخوان بالإساس جماعة دينية و دعوية و يقول ان الإصلاح الحقيقى للإخوان لن يقوم إلا بالفصل بين الدعوى و السياسى. طبعا هذا الإتهام قديم للإخوان و كثيرا ما استخدمه المختلفين معها فى توجيه الإتهام لها و هو موضوع يحتاج إلى مقال خاص لا يتسع المقام له هنا ، لكن فى جمل موجزة ، أقول أن الإخوان لم يقولوا يوما ما أنهم جماعة دينية و دعوية فقط ، بل كل أدبيات الإخوان و كتابات مفكريهم يتحدثون عن أن الإخوان كما هم جماعة دينية دعوية هم كذلك حزب سياسى و جمعية إجتماعية و فريق رياضى ، طبق فهمهم للإسلام على أنه نظام شامل للحياة كل الحياة بل كان حسن البنا مؤسس الجماعة أول من رشح نفسه لمجلس النواب كما هو معلوم تاريخيا . فالذين لا يتخذون المرجعية الإسلامية موجها لهم من المقبول أن نتفهم منهم هذا الطرح ، أما من يفهمون الإسلام و فق الفهم الشامل فيعتبرون أن السياسة جزء لا يتجزأ من الدين ، كما كنت أتمنى أن يقترح الدكتور عمرو أسلوب للفصل بين الدعوى و السياسى فى دولة مستبدة لا تقبل بالإخوان كمرشحين مستقلين ، فكيف تقبل بهم كحزب سياسى ؟! بهذا نكون قد ناقشنا الغالب الأعم من إتهامات د عمرو الشوبكى للإخوان و التى أتمنى أن يعيد التفكير فيها بشكل أكثر موضوعية و حيادية ، لا مانع من أن نختلف بل إن هذ من طبيعة الحياة و طبيعة الأشياء و لكن الواجب علينا حين نختلف أن نرتكن إلى دليل موضوعى و نراعى الظرف التاريخى و تعقيداته و ضغوطه التى تجبر المرأ أحيانا على المفاضلة بين السىء و الأسوء و ليس بين الصواب و الخطأ !! .·

0 Comments:

blogger templates | Make Money Online