الاثنين، ٨ يونيو ٢٠٠٩

خطاب أوباما السم في العسل

بقلم \ د ممدوح المنير نشر فى : صحيفة الشعب ، نافذة مصر أعترف أن الرئيس الأمريكي يحظى بقدرات خطابية عالية تستحق التقدير ، كما أن له كاريزما ساحرة يجيد استخدامها ، لكن لم أكن أتخيل أن تنطلي هذه ( المؤهلات ) الشخصية على أحد و تحدث كل هذا التأثير في خطابه للعالم الإسلامي . ربما يستطيع أوباما بخطابه أن يخدع الرجل البسيط الذي لا يشغل باله كثيرا بما وراء الكلمات أو حتى أمامها ! ! ، لكن العجيب أن هناك من المثقفين و المفكرين من انطلت عليه الخدعة وابتلع الطعم ببساطة أحسده عليها رغم أنها – الخدعة - لم تنطلي حتى على الأمريكيين أنفسهم . فقد جاءت افتتاحيات الصحف الأمريكية كاشفة لهذه الحقيقة التي غابت عن أعين البعض فعلى سبيل المثال وول ستريت جورنال جاء في صدر افتتاحيتها ( إن جل ما عرضه أوباما هو أنه أعاد بمهارة صياغة أفكار الرئيس بوش في قالب جديد حتى بدت وكأنها برنامجه هو للحرية ) ، أما الواشنطن تايمز الأمريكية فكان عنوانها الرئيسي هو( أوباما يدلي بخطاب بوشي الطابع) !! في حين أن هناك في عالمنا العربي من أقام الدنيا و لم يقعدها إحتفاءا بالخطاب الذي دغدغ المشاعر كما قالت حماس و أغلب الظن أن هذه الحالة من الفرح بالخطاب تعزى لحالة الضعف و الوهن الشديد التي تحياها الأمة و التي أصبحت من كثرة ما تتعرض من إذلال من الغرب بقيادة أمريكا تفرح بأي كلمة ثناء من أسياد البيت الأبيض . و حتى لا أتهم بالمبالغة دعونا تناول ( بعض ) ما جاء في الخطاب بالنقد و التحليل 1- أولا مكان الخطاب : كان الأكثر منطقية أن يوجه الخطاب من المملكة العربية السعودية فهي مهد الإسلام و بلد الحرمين و قبلة المسلمين جميعا لكن كان الخطاب من القاهرة ليس لمكانتها في العالم الإسلامي و هذا بالطبع لا ينكر ، لكن السبب الحقيقي حسبما اعتقد هو ترضية للنظام المصري الذي يمسك في يديه أحد أكثر الملفات خطورة بالنسبة لأمريكا القضية الفلسطينية و دور مصر المنحاز بالكامل للموقف الإسرائيلي الأمريكي استدعى هذه الترضية التي تضغط على النظام المصري نفسيا حتى لا يتخذ مواقف تفقده هذه المكانة التي تبوأها لدى الإدارة الأمريكية الجديدة . 2- ثانيا تخلى أوباما كلية عن دعم الديمقراطية صراحة في خطابه أولا بإلقائه الخطاب من مصر التي يعد نظامها من أكثر النظم استبدادا في العالم مما يعطى المشروعية للممارسات النظام ، ثانيا بإعلانه الصريح بأنه لن يطالب أحد بتبني الديمقراطية لأن هذا يعد تدخل في الشئون الداخلية و كأن أمريكا لا تتدخل في شئون أحد !! ، جل ما قاله في خطابه عن الديمقراطية أنه يحترم الحكومات التي جاءت بإرادة شعبية و لكنه لم يقل لنا ماذا سيفعل مع الحكومات التي لا تعبر عن إرادة شعبية ؟ و حتى لا أفهم بشكل خاطئ من أنني كنت أعلق الآمال على فرض الديمقراطية من الخارج أقول أنني لم أرحب يوما ما بهذا الطرح فهو طرح ساذج ، لكن المفزع في الخطاب أنه ضوء أخضر بأسلوب غير مباشر للنظم المستبدة للانطلاق نحو مزيد من الاستبداد . 3- ثالثا : لم يعد الرئيس الأمريكي في خطابه الذي امتلأ بالعبارات الجميلة بأي شيء ، اللهم إلا التزامه بأمن إسرائيل والحفاظ على الرابطة التي لا تنكسر معها ! ، أعلم أنه تحدث عن حل الدولتين ووعد بالعمل على إقامة دولة فلسطينية و لكنه لم يقل كيف و متى و ما هية هذه الدولة ؟ ، بل إنه فى موقف أكثر خطورة من سابقه بوش يسعى للحصول على اعتراف بإسرائيل ليس من الدولة العربية فحسب و لكن من الدول الإسلامية جمعاء كذلك . ما لا يعرفه البعض أن حل الدولتين هو مطلب اسرائيلى قبل أن يكون امريكى ، فإسرائيل أعلنت أنها دولة يهودية بمعنى آخر لا يوجد مكان لغير اليهود بها ، لأن أي حل آخر يقوم على دولة واحدة لهم سيجعلها دولة لأعراق و ديانات متنوعة هو ما يشكل خطورة بالأساس عليها ، كما أن عدم الحل سوف يؤجج المقاومة و هو أيضا ما يشكل خطورة عليها ، لذلك فتبنى أوباما لحل الدولتين المستفيد الأول منه هو إسرائيل ، كما أن الإدارات الأمريكية السابقة أيدت هذا الحل و لكن لم يتحدث أي منهم و لو على سبيل الخطأ من أن الدولة الفلسطينية المزعومة سوف تحظى بأي نوع من السيادة . 4- رابعا : تحدث أوباما كثير عن محرقة اليهود و اعتبر إنكار أي شيء منها بمثابة (أمر لا أساس له وينم عن الجهل وبالغ الكراهية ) في حين لم يدن الرئيس الأمريكي و لو تلميحا العدوان الإسرائيلي المستمر على الفلسطينيين و لم يطالبها حتى بالتوقف عن ذلك ، في حين أنه طالب حماس و التي أقر بأنها حركة مقاومة وهذا فعل مشروع قانونا – المقاومة – بالتوقف عن ( العنف ) حتى لو كان دفاعا عن النفس !!. 5- استخدم اوباما الكثير من الدجل السياسي في خطابه حين طالب حماس بوقف العنف و الإقتداء بالسود في أمريكا في المطالبة السلمية للسود بحقوقهم و الدجل هنا أنه جعل من الفلسطينيين جميعا مواطنين في دولة إسرائيل و عليهم أن يطالبوا بحقوقهم بوسائل سلمية من حكومتهم الإسرائيلية ! كالسود فى أمريكا ، و تناسى أن إسرائيل دولة احتلال كما تقول حتى الأمم المتحدة ذاتها تجب مقاومتها بالسلاح ، كما مارس الدجل كذلك حين قال أن حماس تحظى بدعم ( بعض ) الفلسطينيين رغم أنه اكتسحت الانتخابات الفلسطينية التشريعية منها و الطلابية و النقابية !!. هذا بعض من كثير من الملاحظات على الخطاب الأوبامى الذي لا أجد أفضل من قوله تعالى ( يرضونكم بأفواههم و تأبى قلوبهم ) لتلخيص فحوى الخطاب .

0 Comments:

blogger templates | Make Money Online