الثلاثاء، ٢٤ مارس ٢٠٠٩

أوباما يحرج الأنظمة العربية

أوباما يحرج الأنظمة العربية
بقلم د / ممدوح المنير
أثار خطاب الرئيس الأمريكى بارك أوباما دهشة الكثيرين من اللغة الناعمة الودودة للخطاب ، فهو يتحدث بلغة لم يعتد عليها الشعب الإيرانى من رئيس أمريكى من قبل ، فقد قال على سبيل المثال (( أود التحدث بشكل خاص مباشرة إلى ( الشعب ) و ( القادة ) في جمهورية إيران الإسلامية ، النيروز هو جزء من ثقافتكم العظيمة والجليلة ، وعلى مدى قرون أسهمت موسيقاكم وأدبكم وإبداعكم في جعل العالم مكانا أفضل وأجمل ، هنا في الولايات المتحدة ساعدت مساهمات الإيرانيين الأميركيين في تعزيز مجتمعاتنا ، نعلم أنكم تملكون حضارة عظيمة، كما اكتسبت إنجازاتكم احترام الولايات المتحدة والعالم )) إنتهى .
لقد تعود الإيرانييون على لغةالتهديد و الوعيد البوشية حيث جعل من إيران محور الشر فى العالم ! ، و لكن هل تغيير لغة الخطاب يعنى بالضرورة تغير الأداء على الأرض ؟
حقيقة لا أعتقد ذلك ، فالسياسة الأمريكية عصية على التغيير ومهما ذهب بنا حسن الظن ، فعلينا إدراك أن أمريكا تحكمها مؤسسات و جماعات ضغط تمتلك نفوذا هائلاَ تتحكم به فى توجهات السياسة الأمريكية منذ زمن بعيد ، لذلك علينا ألا نعول كثيرا على ( النعومة ) الأوبامية تجاه إيران و تصريحات أوباما و إدارته بالغة السوء تجاه القضية الفلسطينية يعزز هذا الرأى
و على إفتراض أن أوباما صادق بالفعل و أنه حريص على تحسين صورة أمريكا و إقامة علاقات جيدة مع العالم ، كل هذا التفائل يجعلنى أؤمن أن أقصى ما يمكن أن يفعله أوباما – طبقاَ للمعطيات السابقة - هو تسكين و ترحيل المشاكل الخارجية لا حلها ، و خاصة مشاكل الشرق الأوسط ، لأن أمن إسرائيل هو الإطار الذى يحدد توجهات السياسة الأمريكية ، لا مانع إذا من أن تكون الصورة داخل الإطار حالمة رومنسية أو حتى قاحلة جرداء ، إرسم ماشئت مادمت تتحرك داخل الإطار
لكن الجديد فى خطاب أوباما أنه فى المعنى ( الرمزى ) إنتصار لإيران و إحراج كبير للأنظمة العربية كيف ؟ إنتصار لأن الذى تغير هى أمريكا و ليست إيران ، إيران ثابته على مواقفها و تتقدم بإطراد فى بناء برنامجها النووى و لم تنفع معها لغة التهديد الوعيد الأمريكية ذات التأثير الفعال مع القادة العرب !! ، فخضعت أمريكا و بدأت فى التودد إليها ، هنا كان الإنتصار الإيرانى ، أما الإحراج فهو للدول العربية و فى مقدمتها مصر بطبيعة الحال ، التى ما فتئت تهاجم إيران صباح مساء و تتهمها بسيل لا ينتهى من التهم التى قد يصح بعضها و قد يخطأ و محاولة النظام المصرى مع بقية محور ( الإعتدال ) تعبئة الشارع العربى ضد إيران و تصوريها على أنها العدو بينما إسرائيل هى الحمل الوديع
ماذا سيفعل إذا القادة العرب هل ( سينعّمون ) هم أيضا من لغة خطابهم ؟! إقتداءاَ و تأسياَ بالرئيس الأمريكى الذى يحفظ لهم كراسيهم ، أم سيكون هناك توزيع أدوار بحيث تنعم أمريكا من لغة خطابها و( يخشّن ) القادة العرب لغة خطابهم ؟! ، كل الأساليب مطروحة ، فالسياسة لا تعرف عادة قانون أو عرف أو أخلاق المهم أن يسدد اللاعبين فى المرمى و الأهم من ذلك أننا – الشعوب العربية - سنظل فى مقاعد المتفرجين !! .

0 Comments:

blogger templates | Make Money Online