الاثنين، ٢٢ مارس ٢٠١٠

إن الذى يمد رجليه ، لا يمد يديه !!


إن الذى يمد رجليه ، لا يمد يديه !!


بقلم / د ممدوح المنير *



عندما مات فضيلة الدكتور محمد  سيد طنطاوى  شيخ الأزهر ، لم أجد غير الدعاء له بالمغفرة على ما قدم ، و تمنيت أن يكون موته عبرة لمن يأتى بعده ، فالرجل كان مخلصا للنظام أيّما أخلاص ، و لم يتوانى عن الإعتراف بأنه موظف لدى الدولة ، يسير معها حيث سارت ، فكان يؤدى دوره بتفانى عجيب و إخلاص بلا حدود ، بل بتضحيات تدعوا إلى العجب و تحمل عن النظام آلاف التهم و النعوت التى وصف بها ،  لدوره فى ( شرعنة ) أفعال النظام المصرى حتى و إن خالف بمواقفه هذه جمهرة العلماء فى هذا العصر و كل العصور !! .

أقول رغم هذا كله نال الشيخ -  الذى نسأل له المغفرة مخلصين - جزاء سنمّار ، فلم يعلن الحداد على موته و لو دقيقة واحدة !! ، و لم يمشى أحد فى جنازته من المسئولين أو رجال النظام – ربما كان هذا أفضل له – و  لم يصدر خطاب نعى من القيادة السياسية  فى حق رجل يعتبر رسميا على الأقل يمثل أعرق مؤسسة إسلامية فى العالم ، و عادة ما يستقبل استقبال الملوك و الرؤساء فى العديد من الدولة العربية و الإسلامية .

إن هذا الموقف المؤسف الذى يعبر عن الكثير من ( الجحود ) لحرّى بشيخ الأزهر الجديد فضيلة الدكتور أحمد
  الطيب أن يستفيد منه و يضعه نصب عينيه  ، كما أدعوه كذلك أن  يجعل حديث المصطفى صلى الله عليه و سلم  و الذى يقول فيه (من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله الناس ومن أسخط الله برضى الناس وكله الله إلى الناس ) .


أمر آخر يبعث على الدهشة و السخرية المريرة  فى هذا الموضوع ، فنظامنا الحاكم الميمون الذى لا ينفك يحدثنا صباح مساء ، عن فصل السياسة عن الدين ، و الدين عن السياسة ، و لا يكتفى بذلك  بل يعمل النظام بكل سلطته و جبروته على تمرير تعديلات دستورية مزورة ، ليلغى أى دور للدين فى الحياة العامة ، بدعوى المواطنة أو منع  تسييس الدين أو تديين السياسة و غيرها  من المحاضرات الحنجورية التى يطربنا بها ترزية بين الحين و الآخر ، ثم كان القرار المعجز !! ، بتعيين د أحمد الطيب ( عضو لجنة السياسات ) التى يترأسها 
جمال مبارك فى منصب ( شيخ الجامع الأزهر ) أعلى  قيمة دينية فى العالم الإسلامى !! .

أريد من ساسة النظام  أن يجيبوا لى عن هذا التساؤل البرىء ، أليس تعيين عضو فى لجنة السياسات فى منصب شيخ الأزهر ، يعد خلطاَ للدين بالسياسة ؟! ، ثم كيف يوازن شيخ الأزهر الجديد بين عمله كإمام لأهل السنة فى العالم الإسلامى بكل ما يعنيه ذلك من قيمة  ، و عمله فى لجنة سياسية  مهمتها الأولى هى تزوير الإنتخابات و كبت الحريات و تعميق الإستبداد ؟! .


إننى أبرأ بقيمة كبيرة لدى المسلمين كشيخ الأزهر أن يلوث نفسه بأوحال لجنة السياسات ، و أرجوه رجاءا صادقا أن يستقيل من هذه اللجنة  ، حتى يستطيع أن يعيد لمؤسسة الأزهر رونقها و جلالها ، و التى أصاب صورتها الكثير من التشويه نتيجة ممارسات سابقة مثلت حذفا من قيمتها و تراجعا لدورها الحضارى عبر التاريخ .


كما أقول لفضيلته أننا سننسى كافة المواقف التى ذكرتنا  بها وسائل الإعلام سامحها الله و التى منها  تصده للطلاب المعارضين لسياسة الدولة  ، ونقل عنه قوله ، (  إن الجامعة تَسَعُ أيَّ شخص ، حتى اليهود ، ولكنها لا تسع لطلاب الإخوان )

كما طالب القضاه بعدم الإفراج عن الطلاب المعتقلين سياسيا لأداء الإمتحانات ، نعم سننسى كذلك فتاويك التى أبحت للمرأة فيها أن تؤم الرجال فى الصلاة ، أو إباحة الرشوة  لدى الضرورة ، أو  وجوب التصويت على التعديلات الدستورية الباطلة  ، نعم فضيلة الشيخ سننسى كل هذا و أكثر ، لأن جلال المنصب و مرارة الواقع تدعونا لتجاوز أى مرارة أخرى ، حفاظا على آخر قلاعنا  ( الأزهر الشريف ) .

و فى ختام مقالى أسمحى شيخنا أن أهديك هذه القصة التاريخية  و التى نحتاج إلى عبرتها الآن أكثر من أى وقت مضى ، تحكى القصة عن  شيخ الأزهر الإمام النقراشى و الذى كان جالسا بالجامع الأزهر فمر الخديوى توفيق بالشيخ و هو ممد القدمين فلم يضمهما حين مرّ به الخديوى فاغتاظ منه الخديوى و كتمها فى صدره ، ثم أرسل له رسولا يحمل كيسا من المال ، يريد بها أن يكسر إباء الشيخ ، فلما جاءه الرسول ووقف بين يديه و هو يدعوه لقبول هدية الملك قال له شيخ الأزهر ( إذهب إلى سيدك و قل له  إن الذى يمد رجليه ، لا يمد يديه ) !! .

* كاتب و باحث

1 Comment:

غير معرف said...

والله من وجهة نظرى ان المشكله بجد كبيرة ، كيف سنحكم شخص فى امور حياتنا واسراراها ،اذا كان ينتظر الرد على ماسيقوم به من رئيس الجمهوريه ، لا اعارض ان يسأله ولكنى والله اخشى الايعرف ما يقوم به هذه هى المصيبه الكبرى ، بجد بجد ربنا يستر علينا .
اللهم ولى امورنا لخيارنا ولا تولى امورنا لشرارنا ، اللهم ان كان فيه الخير فثبته وان لم يكن كذلك فيسرالينا من فيه الخير ، قولوا اااااااااامين.

blogger templates | Make Money Online