إن الذى يمد رجليه ، لا يمد يديه !!
بقلم / د ممدوح المنير *
نشر فى : المركز الفلسطينى للإعلام ، بر مصر
عندما مات فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر ، لم أجد غير الدعاء له بالمغفرة على ما قدم ، و تمنيت أن يكون موته عبرة لمن يأتى بعده ، فالرجل كان مخلصا للنظام أيّما أخلاص ، و لم يتوانى عن الإعتراف بأنه موظف لدى الدولة ، يسير معها حيث سارت ، فكان يؤدى دوره بتفانى عجيب و إخلاص بلا حدود ، بل بتضحيات تدعوا إلى العجب و تحمل عن النظام آلاف التهم و النعوت التى وصف بها ، لدوره فى ( شرعنة ) أفعال النظام المصرى حتى و إن خالف بمواقفه هذه جمهرة العلماء فى هذا العصر و كل العصور !! .
أقول رغم هذا كله نال الشيخ - الذى نسأل له المغفرة مخلصين - جزاء سنمّار ، فلم يعلن الحداد على موته و لو دقيقة واحدة !! ، و لم يمشى أحد فى جنازته من المسئولين أو رجال النظام – ربما كان هذا أفضل له – و لم يصدر خطاب نعى من القيادة السياسية فى حق رجل يعتبر رسميا على الأقل يمثل أعرق مؤسسة إسلامية فى العالم ، و عادة ما يستقبل استقبال الملوك و الرؤساء فى العديد من الدولة العربية و الإسلامية .
إن هذا الموقف المؤسف الذى يعبر عن الكثير من ( الجحود ) لحرّى بشيخ الأزهر الجديد فضيلة الدكتور أحمد
الطيب أن يستفيد منه و يضعه نصب عينيه ، كما أدعوه كذلك أن يجعل حديث المصطفى صلى الله عليه و سلم و الذى يقول فيه (من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله الناس ومن أسخط الله برضى الناس وكله الله إلى الناس ) .
أمر آخر يبعث على الدهشة و السخرية المريرة فى هذا الموضوع ، فنظامنا الحاكم الميمون الذى لا ينفك يحدثنا صباح مساء ، عن فصل السياسة عن الدين ، و الدين عن السياسة ، و لا يكتفى بذلك بل يعمل النظام بكل سلطته و جبروته على تمرير تعديلات دستورية مزورة ، ليلغى أى دور للدين فى الحياة العامة ، بدعوى المواطنة أو منع تسييس الدين أو تديين السياسة و غيرها من المحاضرات الحنجورية التى يطربنا بها ترزية بين الحين و الآخر ، ثم كان القرار المعجز !! ، بتعيين د أحمد الطيب ( عضو لجنة السياسات ) التى يترأسها
جمال مبارك فى منصب ( شيخ الجامع الأزهر ) أعلى قيمة دينية فى العالم الإسلامى !! .
أريد من ساسة النظام أن يجيبوا لى عن هذا التساؤل البرىء ، أليس تعيين عضو فى لجنة السياسات فى منصب شيخ الأزهر ، يعد خلطاَ للدين بالسياسة ؟! ، ثم كيف يوازن شيخ الأزهر الجديد بين عمله كإمام لأهل السنة فى العالم الإسلامى بكل ما يعنيه ذلك من قيمة ، و عمله فى لجنة سياسية مهمتها الأولى هى تزوير الإنتخابات و كبت الحريات و تعميق الإستبداد ؟! .
إننى أبرأ بقيمة كبيرة لدى المسلمين كشيخ الأزهر أن يلوث نفسه بأوحال لجنة السياسات ، و أرجوه رجاءا صادقا أن يستقيل من هذه اللجنة ، حتى يستطيع أن يعيد لمؤسسة الأزهر رونقها و جلالها ، و التى أصاب صورتها الكثير من التشويه نتيجة ممارسات سابقة مثلت حذفا من قيمتها و تراجعا لدورها الحضارى عبر التاريخ .
كما أقول لفضيلته أننا سننسى كافة المواقف التى ذكرتنا بها وسائل الإعلام سامحها الله و التى منها تصده للطلاب المعارضين لسياسة الدولة ، ونقل عنه قوله ، ( إن الجامعة تَسَعُ أيَّ شخص ، حتى اليهود ، ولكنها لا تسع لطلاب الإخوان )
كما طالب القضاه بعدم الإفراج عن الطلاب المعتقلين سياسيا لأداء الإمتحانات ، نعم سننسى كذلك فتاويك التى أبحت للمرأة فيها أن تؤم الرجال فى الصلاة ، أو إباحة الرشوة لدى الضرورة ، أو وجوب التصويت على التعديلات الدستورية الباطلة ، نعم فضيلة الشيخ سننسى كل هذا و أكثر ، لأن جلال المنصب و مرارة الواقع تدعونا لتجاوز أى مرارة أخرى ، حفاظا على آخر قلاعنا ( الأزهر الشريف ) .
و فى ختام مقالى أسمحى شيخنا أن أهديك هذه القصة التاريخية و التى نحتاج إلى عبرتها الآن أكثر من أى وقت مضى ، تحكى القصة عن شيخ الأزهر الإمام النقراشى و الذى كان جالسا بالجامع الأزهر فمر الخديوى توفيق بالشيخ و هو ممد القدمين فلم يضمهما حين مرّ به الخديوى فاغتاظ منه الخديوى و كتمها فى صدره ، ثم أرسل له رسولا يحمل كيسا من المال ، يريد بها أن يكسر إباء الشيخ ، فلما جاءه الرسول ووقف بين يديه و هو يدعوه لقبول هدية الملك قال له شيخ الأزهر ( إذهب إلى سيدك و قل له إن الذى يمد رجليه ، لا يمد يديه ) !! .
* كاتب و باحث
1 Comment:
والله من وجهة نظرى ان المشكله بجد كبيرة ، كيف سنحكم شخص فى امور حياتنا واسراراها ،اذا كان ينتظر الرد على ماسيقوم به من رئيس الجمهوريه ، لا اعارض ان يسأله ولكنى والله اخشى الايعرف ما يقوم به هذه هى المصيبه الكبرى ، بجد بجد ربنا يستر علينا .
اللهم ولى امورنا لخيارنا ولا تولى امورنا لشرارنا ، اللهم ان كان فيه الخير فثبته وان لم يكن كذلك فيسرالينا من فيه الخير ، قولوا اااااااااامين.
Post a Comment