من يضرّ حقا بالأمن القومي المصري ؟!
بقلم / د ممدوح المنير
كلما يحاول المرأ أن يستوعب الموقف المصرى المخزى مما يحدث فى قطاع غزة ، كلما فاجئه النظام المصرى بموقف أكثرا سوءا من سابقه ، بحيث لم يعد المرأ يستغرب أن يستيقظ ذات صباح على خبر أن مصر تقصف قطاع غزة بالقنابل و الصواريخ !! ، هذا فقط هو الباقى من سجل الخزى و صفحات العار التى يجب على مصر أن تكملها لتكون معبرة بحق عن فصل من فصول التاريخ السوداء فى تاريخ هذه الأمة المنكوبة .
يدرك النظام المصرى جيدا أن الأنفاق هى المتنفس الوحيد لقطاع غزة التى يحصلوا من خلالها على المأكل و المشرب و الكساء و الدواء ، لكنه يصر رغم ذلك على إقامته فى تحد واضح لكل الأعراف و القوانين الدولية و على أبسط أبجديات الأخلاق و حقوق الإنسان تحت حجة حماية الأمن القومى المصرى .
وهى الحجة التى سرعان ما تسقط أمام أى قارىء موضوعى للأحداث ، فبقاء الحدود مفتوحة مع قطاع غزة ، بل حتى دعمها و تقوية بنيانها هو الضمان الأول للحفاظ على الأمن القومى المصرى كيف ؟
أولا : يعتبر قطاع غزة و فى القلب منه حركة حماس هو حائط الصد الأول ضد المشروع الصهيونى التوسعى الذى يستهدف التمدد من النيل للفرات و لا يزال يعلق هذه الخريطة ( إسرائيل الكبرى ) فى الكنيست الإسرائيلى ، خاصة و أن سيناء خالية من وجود معتبر للقوات المسلحة المصرية ( 700 ) جندى فقط لا غير على الحدود .
ثانيا : يعتبر إستقرار ألأوضاع فى قطاع غزة عامل إستقرار للأوضاع داخل مصر و هذا من أبجديات الأمن القومى ، فعلى مدار التاريخ ، كان ما يحدث فى فلسطين هو المحرك للكثير من الفعاليات و التظاهرات بل حتى المقاومة المسلحة داخل مصر و هذا لا يريح أى نظام للحكم يرغب فى أن يشعر بأن الشأن الداخلى مستقر و لا يعانى من أى قلاقل أو إضطرابات ،
لذلك من مصلحة النظام المصرى أن ( تستقر ) غزة .
ثالثا : إنصياع الحكومة المصرية للإرادة الإسرائيلية الأمريكية ، يجعل القرار المصرى مرتهن بالقرار الأمريكى الإسرائيلى الذى نعلم جيدا أنه لا تحركه سوى مصلحته الخاصة التى لا تتفق بأى حال من الأحوال مع مواقفنا القومية أو الداخلية .
رابعا : الموقف المصرى الحالى يزيد من حجم العداء ( الشعبى ) للدولة المصرية داخل مصر و خارجها مما يزيد بالتالى من حجم العداء للنظام ، بل ربما يساعد الموقف المصرى من قطاع غزة على نمو الفكر التكفيرى المسلح من جديد ، و الذى عانت مصر من ويلاته فى تسعينيات القرن الماضى .
خامسا : يضر الموقف المصرى المخزى كثيرا بصورة مصر امام دول العالم و الدعوات بالتظاهر أمام السفارات المصرية فى الخارج و مقاطعة البضائع المصرية ليس منّا ببعيد .
سادسا : يقزم بناء الجدار من الدور المصرى و يجعله فى نظر الكثيرين تابع و ليس متبوع مما يقلل من الوزن الإستراتيجى للدولة و يضعف من هيبتها و موقف دول حوض النيل و تجرئها على مصر ليس خافيا على أحد .
سابعا : قد يتسبب بناء الجدار فى غليان الأوضاع داخل القطاع نتيجة النقص الحاد فى الإحتياجات الأساسية مما قد يدفع بأهالى القطاع بإختراق الحدود المصرية مجبرين لتوفير لقمة العيش أو قارورة الدواء ، مما قد يفجّر الموقف من جديد على الحدود .
ثامنا : يقضى بناء الجدار من قبل النظام المصرى على كونها وسيط محايد بينها و بين الفصائل و خاصة فتح و يجعل منها خصم لا لحماس فحسب و لكن للشعب الفلسطينى كله .
تاسعا : بناء الجدار يعرض النظام المصرى للملاحقة القانونية الدولية و خاصة أن بناء الجدار يتصادم مع أبجديات القانون الدولى كما يقول المختصون .
عاشرا : بناء الجدار يوصل رسالة غاية فى الخطورة ، فالجدار سوف يستغرق بناءه شهورا طويلا ، مما يعنى أن مصر تتعامل مع غزة و حكومة حماس على أنها ( مشكلة ) غير قابله للحل !! ، و إلا إذا كانت مصر تسعى لحل الأزمة كما تتدعى فما الحاجة لبناء جدار بمئات الملايين من الولارات قد لا يصبح له قيمة أو ضرورة إذا حلت المشكلة بين فتح و حماس ؟!! ، إذا بناء الجدار يوصل رسالة مفادها أن الجدار وجد ليبقى و يبقى معه الشرخ الفلسطينى بين فتح و حماس !! ، و بالتالى يصبح التساؤل المشروع هنا ،هل مصر تسعى حقا لحل المشكلة أم لتعميقها ؟! .
أما التساؤل الأخير ، فمن حقا يضر بالأمن القومى المصرى حركة حماس أم النظام المصرى ؟!!
0 Comments:
Post a Comment