نشر فى : اخوان اون لاين ، بر مصر
نحاول من خلال هذا الطرح الذى بدأناه فى المقال السابق أن نجيب عن السؤال التالى لماذا يبدو أمام عين المتابع أن جماعة الإخوان المسلمين تتعرض بشكل مستمر لإنتقادات ( كثيرة ) و ( قاسية ) من قبل وسائل الإعلام بمختلف إتجاهاتها ، و خلصنا فى المقال السابق لنتيجة مفادها أن كل وسائل الإعلام تقريبا المقروؤة و المسموعة و المرئية تختلف فكريا مع جماعة الإخوان ، فى حين لا يسمح النظام المصرى أو حتى العالمى بوجود و سيلة إعلامية إخوانية أو حتى إسلامية بالمطلق تهتم بالشأن العام أو السياسة بالأساس ، نعم قد يسمح النظام بوجود فضائية إسلامية أو صحيفة كذلك و لكنها تكون فى الأساس وعظية و ليس لها علاقة بالشأن العام أو الإشتباك معه ، اللهم إلا النذر اليسير الذى لا يمكن الإحتجاج به أو القياس عليه .
من الأمور الأخرى التى تظهر الجماعة بشكل سلبى لدى الرأى العام بلا موضوعية ، ما تقوم به بعض وسائل الإعلام فى بعض البرامج من إستدعاء ضيف من الإخوان كممثل للرأى الآخر ، حتى يتسم الحوار بالموضوعية الظاهرة، فى حين يكون الضيف الإخوانى ليس له خبرة فى الوقوف أمام الكاميرات فتجده يصاب بما يعرف ( برهاب الكاميرا ) فتجده رغما عنه فى حالة إرتباك فيشعر المشاهد أن الإرتباك لضعف الحُجة و ليس لرهاب الكاميرا ، فى حين يكون الضيف الآخر محترف و متمرس على مواجهة الجمهور و الكاميرات ، لكن للموضوعية هذا التكتيك لا تستخدمه كافة البرامج ، فهناك برامج تجد الطرفين أكفاء و تجد ندية فى الحوار ، مما يتيح أمام المشاهد أن يقيّم الموقفين بصورة متوازنة .
من الأمور الأخرى التى تسهم بشكل أو بآخر فى ( كثرة ) الإنتقادات التى تتعرض لها الجماعة هى عدم قدرة الجماعة على الإفصاح عن كل ما لديها من طاقات و إمكانيات ، نتيجة للضغوط الأمنية الهائلة التى تتعرض لها ، فتجد البعض مثلا يتهمها بإهمال مشاكل المجتمع الأساسية و عدم إهتمامها بالطبقات الفقيرة ، لكن الجماعة فى واقع الأمر تولى هذا الأمر أهمية بالغة ، لكنها لا تستطيع أن تذكر أرقام أو إحصائيات أو مؤسسات أو أفراد تبين حجم المجهود الهائل فى هذا المجال ، حتى لا يتم تجميده من قبل السلطات و مستشفى الجمعية الطبية الإسلامية المركزي الخيري بالقاهرة و الذى تكلف نحو أربعين مليون جنيه دليل حىّ على ما نقول به و الذى هدم خلال الأيام القليلة الماضية ( 7/ 12/ 2009 ) نظرا لكونه محسوب على الإخوان !! ، تجد هذا الموقف يتكرر فى حالات كثيرة يُهاجم الإخوان فى موضوع ما ، و لا يستطيع الإخوان الدفاع بشكل واضح و صريح عن موقفهم نظرا لتقديرات و حسابات أخرى قد لا يعيها المشاهد أو المتابع فيبدأ فى التجريح أو النقد القاسى للجماعة ، و لا تملك الجماعة سوى الصمت أو الرد العام الذى لا يدخل فى تفاصيل قد تضر أكثر مما تنفع .
أمر أخير هو النقد الذى يوجه للجماعة من داخلها و الذى يعنينى منه هنا هو ما يصل إلى وسائل الإعلام فمنه ما يعتبر نقد ذاتى حين يكون على يد أحد قادتها و رموزها و منه ما يكون فى شكل إتهام يصل إلى حد التجريح ، النوع الأول لا تعقيب لى عليه فهو مطلوب و مرغوب ، أم ما يشتمل على تجريح ، فعلى الرغم من أنّ حسن النصيحة لا يقتضى التجريح و الإتهام بغير دليل أو بينة ، لكن لنفترض جدلا صحة هذا النقد القاسى ، أليس من الأمانة فى النقد أن يعرف الناقد أن المنقود – الإخوان – سوف يحظون بنفس فرصة الناقد فى الرد عليه ؟! .
فكثيرا ما يحدث و هذا هو الغالب الأعم أن من ينتقد الإخوان و خاصة إذا كان محسوبا عليهم ، تفتح له أبواب الصحف و الفضائيات الخاصة منها و الرسمية على مصراعيها و تصبح كلماته عناوين رئيسية فى مانشيتات الصحف و إتهاماته للجماعة الخبر الرئيسى فى برامج التوك شو !! ، فى حين لا تتاح للإخوان الفرصة و بقدر من التساوى فى الرد على هذه الإتهامات .
فعادة لا تنشر الصحف أو الفضائيات رد الإخوان على هذه الإتهامات إلا النذر اليسير من الصحف و البرامج المحترمة التى تعد على أصابع اليد الواحدة .
لذلك أرى أن من الأمانة أن من يفكر فى إنتقاد الجماعة و هذا حقه الذى لا تسريب عليه ، أن يفكر أولا هل ستتاح للجماعة نفس الفرصة و بنفس الحجم فى الرد ؟ ، أم ستستغل فى تشويه الصورة الذهنية للجماعة فقط ؟، بحيث يجد الناقد نفسه قد تحول – دون قصد منه - لمجرد أداة تستخدم فى تشويه صورتها فقط لا غير .
تبقى كلمة أخيرة لا بد منها ، يجب كذلك على مؤسسات الجماعة المختلفة أن تعمل على الرد على كل ما يعنّ من تساؤلات قد تدور فى عقل منتسبيها أو محبيها قدر المستطاع ، و من النماذج الطيبة التى تستحق أن تحتذى فى هذا المجال حركة حماس الصامدة الصابرة ، فلا تجد إتهاما أو نقدا تلوكه الألسنة عنها ، إلا و تجد الرد الفورى عليه دون إبطاء ، فتموت الفتن فى مهدها ، لذلك أتمنى على الجماعة الأم أن تجد لنفسها الآلية ( السريعة ) التى تتناسب مع حجمها و مكانتها فى الرد على الإتهامات التى تواجهها ، هذا و الله أعلم
0 Comments:
Post a Comment